"فايننشال تايمز": مستثمرو الديون يراهنون على الأسواق الناشئة بدعم آفاق الانتعاش

ترجمة- رنا عبدالحكيم

يُراهن مستثمرو الديون في الأسواق الناشئة على أنَّ الارتفاع في السندات السيادية من أدنى مستوياتها خلال مارس ستتزايد وتيرته؛ حيث تتواصل جهود التحفيز التي يبذلها بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) وبنوك مركزية أخرى حول العالم، بالتوازي مع إطلاق صانعي السياسات في مختلف الدول، إجراءات مشابهة.

ووفق تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، اشترى أكثر من 12 مصرفًا مركزيًا في الأسواق الناشئة سندات حكومية بالعملة المحلية، أو أصولًا أخرى؛ كجزء من برامج خاصة لمكافحة آثار "كوفيد-19"، ومن بين هذه الدول إندونيسيا وبولندا والفلبين. ومضت البلدان ذات الأوضاع المالية الهشة، مثل جنوب أفريقيا وتركيا، في إجراءات مُماثلة.

وقال أليخو سيرونونكو الخبير الاستراتيجي في "يو بي إس" لإدارة الثروات إن هذه المشتريات تختلف قليلاً عن برامج "التيسير الكمي" التي أُطلقت بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، ويرجع ذلك إلى أنه في العديد من البلدان، لم تصل أسعار الفائدة عند مستوى الصفر حتى الآن، وكانت العمليات الصغيرة نسبيًا تفتقر إلى أهداف ثابتة للشراء. لكنه أضاف أنَّ هذه السياسة النقدية، إذا استخدمت بحكمة، يمكن أن تساعد في دعم انتعاش البلدان من خلال "حماية عمل أسواق السندات المحلية".

وقال بول جرير مدير محفظة الأسواق الناشئة في "فيديليتي إنترناشونال" إنَّ جهود التيسير النقدي دعمت الأسواق في جميع أنحاء العالم وخفضت تكاليف التمويل.

وارتفعت السندات السيادية في مؤشر "جيه بي مورجان إي إم بي آي جلوبال دايفرسيفايد" القياسي ما يقرب من 20% في قيمتها منذ 23 مارس الماضي، في حين تراجع العائد الإضافي- الذي طالب به المستثمرون للاحتفاظ بالديون مقابل سندات الخزانة الأمريكية- بأكثر من 30%، لتسجل أسوأ عمليات بيع. وتمكنت الاقتصادات الناشئة والنامية أيضًا من الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية بأعداد كبيرة منذ أبريل؛ حيث جمعت أكثر من 83 مليار دولار، وفقًا للبيانات التي جمعها معهد التمويل الدولي.

وبحسب جرير، فقد تشكلت نقطة التحول في أواخر مارس، بعد أن أطلق بنك الاحتياطي الفيدرالي العنان لـ "التيسير النقدي الضخم" ووضع أساساً تحت "الأصول الخطرة"، وتعهد بشراء سندات الشركات وكمية غير محدودة من الديون الحكومية، من بين تدابير أخرى.

وقبل عرض الدعم، الذي يأتي بالتوازي مع حزم الإنفاق الإضافية من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم، خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى الصفر، وفتح خطوط مبادلة مع 14 بنكًا مركزيًا لخفض تكلفة الدولارات دوليًا، ووضع برامج لضمان قدرة الشركات والأسر على الحصول على الائتمان. ونفذ بنك الاحتياطي الفيدرالي- منذ ذلك الحين- المزيد من إجراءات الطوارئ ووعد ببذل المزيد إذا لزم الأمر.

وقال إريك بورمايستر رئيس الدخل الثابت للأسواق الناشئة في مورجان ستانلي لإدارة الاستثمار: "عمليات السيولة العالمية هذه لا تبقى داخل الحدود، إنها تمتد إلى العالم النامي".

وقال عدي باتنايك رئيس ديون الأسواق الناشئة في شركة LGIM إن عملية البيع في شهر مارس، إلى جانب إجراءات جذرية اتخذها صانعو السياسات العالمية، خلقت ما اعتُبر أحد أفضل الفرص لزيادة التعرض للأسواق الناشئة التي عاصرها على مدى 30 عامًا من الخبرة في هذا المجال. وأضاف باتنايك أن الشركة زادت استثماراتها بشكل كبير في السندات السيادية المقومة بالدولار التي أصدرتها الهند والفلبين وبنما قبل نحو ثلاثة أشهر، وترى فرصة كبيرة لتحقيق مكاسب إضافية من السندات التي تصدرها مصر وقطر.

ومن جهته، أشار كيفين دالي مدير المحافظ في أبردين لإدارة الأصول، إلى الاستثمار في كل من نيجيريا وغانا وكينيا، باعتبارها تمثل "فرصًا قيمة".

ويبدو أنَّ العديد من المستثمرين متفائلون بشأن آثار الفيروس؛ حيث أشارت كابيتال إيكونوميكس مؤخرًا إلى أن عدد الإصابات المؤكدة الجديدة في الهند والمملكة العربية السعودية ومصر وأمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء كان تقريبًا مكافئًا لعدد الحالات مجتمعة في باقي أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن العديد من هذه المناطق تمضي قدمًا في خططها لإعادة فتح القطاعات تدريجيًا. ورغم أنَّ هذه الدول لا تزال تسجل المزيد من حالات كوفيد-19، إلا أن المستثمرين يقولون إنها قد تكون أقل ضرراً اقتصادياً، إذا ما أبقت على عمليات الإغلاق الصارمة.

وإلى جانب خطر تفشي الوباء، قال جرير إن الأزمة الحالية والإنفاق الحكومي لمكافحتها، سيخلقان مجموعة جديدة من نقاط الضعف في المستقبل.

ويرى بنك جيه بي مورجان بالفعل معدل عجز بنسبة 16% على مدى الأشهر الـ18 المُقبلة، بناءً على دراسته لـ41 دولة من دول الأسواق الناشئة الخطرة؛ حيث تصل مستويات الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من ثلث البلدان التي تم تحليلها إلى ما يقدر بـ80% أو أعلى. وبحلول نهاية 2021، يتوقع البنك أن يرتفع معدل التخلف عن السداد لهذه البلدان إلى 34%.

وأضاف جرير "أعباء الديون الثقيلة لن تختفي اليوم أو غدًا". وأضاف أنها "وجدت لتبقى".

ومع ذلك، يرى أنَّ التوقعات على المدى القريب للأسواق الناشئة "إيجابية"، مدعومة جزئياً من إجراءات البنوك المركزية على مستوى العالم التي تشتري الأصول الآن.

تعليق عبر الفيس بوك