الأولوية لهم

علي النعماني

تهتمُّ أغلب دول العام بفئة ذوي الإعاقة، وتحاول جاهدة توفير سبل العيش الكريم، وإعطاءهم الحقوق التي يستحقونها، ويُقاس مقدار تقدم الدول بمدى الخدمات التي تُقدَّم لهذه الفئات التي تحتاج أن يكون الجميع لهم سندا وعونا؛ نظرا للاحتياجات الخاصة التي لديهم؛ وكونهم جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع ككل، ولهم من الحقوق التي لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال.

وتصرف لهذه الفئة المعطاءة -التي أثبتت قدرتها على المساهمة في المجتمع- "بطاقة مُعاق" لتسهيل تقديم الخدمات المناسبة التي يحتاجونها، ولمساعدة الآخرين لهم في أي وقت وحين وفي جميع الأمكنة المختلفة، ولاريب أنَّ الاهتمام الذي توليه الدول -ومن ضمنها السلطنة- بهذه الفئة يُسهم بشكل كبير في إعطاء ذوي الإعاقة المجال الواسع في إبراز قدراتهم وإمكانياتهم بالشكل الذي يُوفر لهم بيئة مهيأة لممارسة حياتهم بشكل طبيعي، حالهم كحال إخوانهم وأخواتهم من الأشخاص الطبعيين الآخرين. ولو تأمَّلنا الإحصائية الأخيرة لعدد ذوي الإعاقة في السلطنة حيث بلغ عددهم 34365 معاقا، والذين لديهم بطاقات معاق، وأتوقع أن العدد أكثر من ذلك؛ كون بعض الأسر لا تسجل أبناءها في السجلات الرسمية، وكمثال المصابين بالاضطرابات النمائية؛ مثل: التوحد، تُصرف لهم بطاق معاق يتمتع بالخدمات التأهيلية في المراكز الخاصة، والتي تتركز في بعض المحافظات، ونتمنى أن تزيد هذه المراكز في الفترة المقبلة لتغطي معظم أرجاء عُمان الحبيبة، وبعض الأسر لا تحبِّذ أن يكون الولد أو البنت يحمل هذه البطاقة؛ كون حمل اسم معاق غير محبذ -حسب ما يرون- كونه اضطرابا وليس إعاقة، ونقول أيًّا كان مسمى البطاقة، فهي تحمي الطفل وتجلب له سبل المساعدة، وتتمنى من كل الأسر أن يتم تفعيل هذه البطاقة بالشكل الأمثل والمناسب.

نأتي إلى النقطة الأهم في هذا الموضوع؛ وهي: تفعيل "بطاقة معاق" التي يحمها الشخص المعاق، ولنسأل أنفسنا سؤالًا مهمًّا: ما الخدمات والتسهيلات التي يحصل عليها حامل هذه البطاقة؟ هل يتم الشديد على الجهات المختلفة في تسهيل وتقديم الدعم للمعاق، أم هذه البطاقة هي بطاقة صوَرية لا أكثر حسب ما يراها البعض؟!

لنَضْرِب مثالا بسيطا على انتظار الدور للمواعيد في المستشفيات، وكما يعلم الجميع أنْ ليس بمقدور الشخص المعاق انتظار دوره للدخول على الطبيب مدة طويلة كحال الشخص العادي، نركِّز قليلا على الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد والاضطرابات السلوكية الأخرى، والذي من الصعب على الأسر الانتظار لمدة طويلة؛ كون أغلب هؤلاء الأطفال لديهم فرط حركة، هنا نشدِّد على أن يسجل في السجل الرسمي للمستشفى أنَّ هذا المريض حالة خاصة، ولا يمكن الانتظار وتحديد موعد محدد للأسرة للحضور بالتوقيت المناسب، مع توعية الطاقم الطبي من الممرضين والممرضات بماهية هذه الاضطرابات التي يستحيل معها انتظار الأسرة. وقِسْ على ذلك المواعيد الأخرى في المؤسسات الحكومية والخاصة ممن يستوجب النظر والاهتمام في حالهم.

وختامًا نقول.. إنَّ الدور المنوط في هذا الجانب ليس لجهة واحدة فقط، بل إنَّ تضافر الجهود بين سائر الجهات الحكومية والخاصة أمرٌ يجب أخذه بعين الاعتبار، ولنَقُل إنَّ أولوية تقديم الخدمات تكون لهذه الفئة المستحقة لأن تأخذ حقوقها كاملة وفقا للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليه الدول في شتى أنحاء العالم، ومع ذلك فالأمل لدى الجميع بأن يكون ثمَّة عصر مشرق قادم لا محالة ترى فيه أبناء فئة ذوي الإعاقة كاملَ حقوقهم في المجتمعات العالمية؛ بفضل التوعية الشاملة بهم، وبخصائصهم التي يتفردون بها عن غيرهم.