التوجيهات السلطانية السامية

◄ التوجيهات السامية الأخيرة تؤكد بلا شك أن العملية التصحيحية الشاملة قادمة لا محالة وتلبي مطالب المجتمع من إصلاحات جوهرية

 

 

خلفان الطوقي

 

التوجيهات السامية الأخيرة لمولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- التي صدرت بإحالة 70% من الموظفين ممن أكملوا 30 عاما من الخدمة في المؤسسات الحكومية إلى التقاعد، و70% من المستشارين والخبراء ممن أكملوا 25 عاما في الخدمة، وإنهاء عقود 70% من الموظفين الأجانب، وسبقتها عدة تعليمات سامية تخص الشركات الحكومية والضبط المالي في كل مؤسسات الدولة، جميعها مؤشرات على أنّ العملية التصحيحية الشاملة قادمة لا محالة.

بكل تأكيد، ومن المنطقي أنّ كل قرار يتم اتخاذه سوف يؤثر على فئة من الناس، ولن يتم قبوله في الحال، لكن عند وزن التوجيهات والتعليمات السامية الأخيرة بميزان وطني شامل، سنجد أنّ الكفة تميل إلى ما طالب به المجتمع من إصلاحات جوهرية ذات أثر ومنذ أعوام كثيرة، من ترشيق للجهاز الحكومي من الترهل، وإعادة الهيكلة، وتطبيق الحوكمة، والابتعاد عن المجاملة والمحاباة في التوظيف، وضبط الصرف، وتسهيل الإجراءات الحكومية، واتباع أفضل الممارسات الدولية في كل ما نقوم به، وتطبيق الحكومة الإلكترونية بشكل فعال، وغيرها من عمليات تصحيحية، هذا كله لا يمكن أن يحدث دون عمليات جراحية أو قرارات قد تكون مؤلمة لبعض الوقت، لكنّها تضمن استدامة التنمية الوطنية على المدى المتوسط والبعيد.

التوجيهات السلطانية هي ما وعد بها السلطان المفدى- أيّده الله- في خطابه الأهم على الإطلاق في 23 فبراير من هذا العام، وهي جزء يسير من حزمة متكاملة شاملة، استعدادا لتطبيق الرؤية المجتمعية 2040، والتي لا يمكن أن تطبق بصورة جوهرية إلا بإزالة ما أمكن من العوائق العالقة هنا وهناك، ولن تكون فقط في جانب واحد كإحالة البعض للتقاعد، وإنّما من خلال حزمة متكاملة من القرارات والتشريعات والممكنات والسياسات، ولا يمكن ذلك أن يأتي دفعة واحدة، أو أن يتم إقراره في ليلة وضحاها، رغم أنّ معظمنا يدعو إلى الإسراع، وعدم إضاعة مزيد من الفرص والوقت.

عُمان تمر بأصعب مراحلها على الاطلاق بعد أن تكالبت عليها ظروف استثنائية في وقت قياسي، فلنتذكر جميعا أننا في عهد جديد بفكر شاب وثاب وقّاد، ساعيا للمصلحة العامة من خلال حزمة إصلاحات شاملة، ويحتاج من الجميع المساهمة والمساعدة والمباركة، والتخلّي عن الأنانية والمصالح الضيقة، والتفكير بعمق وبشمولية فيما هو مفيد لأكبر شريحة لارض عمان وأهلها من شمالها إلى جنوبها، والتضحية لأجيال الأبناء والاحفاد، والتأقلم مع هذه التوجيهات، ومضاعفة العمل الخلاق وتجويده أضعافا مضاعفة عمّا مضى، لأنّ المستجدات والمعطيات ليست سهلة وتحتاج إلى تكاتف الجميع بالجهود المخلصة وعدم الاكتفاء بالشعارات المنمقة، فعماننا تستحق الأفضل، فلنسعَ معًا ميدانيا إلى تحقيق ذلك بشكل ملموس.