لا لـ"الحُضور" في زمن "كورونا"

 

 

علي بريّاء

ali_5950@hotmail.com

 

في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا (كوفيد-19) المستجد يثير القلق لدى الكثير من المواطنين والمقيمين حول خطورة هذا المرض والتغلب على هذا الوباء يتم بتضافر جهود الجميع واتباع أدوات السلامه الصحية السليمة للحد من هذا الوباء، إلا إننا نلاحظ في هذه الأيام الكثير من سكان ولايات والقرى الساحلية الممتدة على الشريط الساحلي لبحر العرب التابعة لمحافظة جنوب الشرقية ومحافظة الوسطى الاستعداد لرحلة الشتاء والصيف وهي ظاهرة مجتمعية تسمى محلياً الحُضور أو "القيظ".

وهي رحلة اجتماعية سنوية صيفية تعوّد عليها أهالي سكان تلك الولايات ودأب عليها أجدادهم وتوارثتها أجيالهم لقضاء أوقات صيفية جميلة تبدأ في مطلع شهر يوليو إلى نهاية أغسطس لجني ثمار القيظ وتقوية أوصر التعارف والتواصل إلى جانب إنعاش الحركة التجارية طوال فترة وجودهم بالولاية.

وفي ظل تفشّي جائحة كورونا (كوفيد-١٩) المستجد، فقد اتخذت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن هذا الوباء العديد من الإجراءات الاحترازية والوقائية لسلامة وصحة المواطنين والمقيمين تم تنفيذها على مراحل وطرق مدروسة للحد من تفشي فيروس كورونا، وحرصًا منها فقد قررت منع الصلاة في المساجد وعطلت المدارس وأوقفت حركة المطارات والمنافذ الحدودية، وتقليص العمل في المؤسسات الحكومية والخاصة ومنع التجمعات والمناسبات والفعاليات، والزيارات العائلية ومنع الأنشطة التجارية والاقتصادية.

رغم هذه التحديات والمعوّقات الكبيرة التي تتصدى لها الحكومة وتأثيراتها على الفرد والمجتمع، لتسخير كافة الإمكانيات والموارد البشرية للتصدي لهذا الوباء والقليل من تأثيراته.

إلا أننا وللأسف نجد الكثير من سكان هذه المناطق الساحلية لا يتخلون عن ظاهرة الحُضور (القيظ) في زمن كورونا رغم توفر جميع المقومات والاحتياجات والمستلزمات والخدمات الأساسية في مناطقهم من خدمات صحية ومواد استهلاكية وغيرها، ناهيك عمّا تتميز به هذه القرى الساحلية من أجواء باردة في فترة الصيف قد تصل درجة الحرارة فيها إلى 23 درجة وكان يتوافد إليها السواح من جميع داخل وخارج السلطنة للاستمتاع بجوها البارد ومقوّماتها الطبيعية الخلابة كذلك طبيعة المساكن واتّساع مساحاتها تساعد على التباعد الاجتماعي والحد من انتشار هذا الوباء.

لنتعاون يداً بيد ومن منطلق الحرص والاهتمام والواجب الوطني "لا للحضور في زمن كورونا نتمنى من أهالينا في تلك المناطق التغلب على هذه التظاهرة المجتمعية إلى حين إنتهاء فترة هذا الوباء ويرفع الله الغمة عن الأمّة وتسترد الحياة عافيتها وتعود إلى طبيعتها وجمالها.

قد يتساءل البعض حول التخلي عن هذه الظاهرة لتداعيات كثيرة قد تشكل خطراً على أرواح البشر، ومع قرب فصل الصيف في في مركز تلك الولايات تكثر التجمعات في الأماكن العامة والأنشطة الصيفية الرياضية والمناسبات الاجتماعية والزيارات وهوس التسوق وذلك استغلالًا لفترة الصيف وغيرها من العادات والتقاليد العمانية كل هذه التظاهرات تعد مخالفة لقرارات اللجنة العليا والعمل بالتباعد الجسدي والاجتماعي فهي تساعد على تفشي هذا الوباء. أضف إلى ذلك طبيعة المساكن والمنازل وقربها من بعضها البعض والاكتظاظ السكاني وما يترتب عليه من مشاكل كثيرة منها انفجارات متكررة في أنابيب الشبكات الداخلية للمياه.

وهذه مشكلات اعتاد عليها سكان الولاية بسبب التزاحم السكاني لأكثر من 5 سنوات وما ينتج عنها من تجمعات مائية ملوثة بين المنازل؛ وهذا لا شك يساعد على تفشي فيروس كورونا، وكما سينتج عن هذه خدمات الرعاية الصحية والمحلات التجارية من تزاحم وضغط على الخدمات.

إنّ عملية العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية وممارسة الأنشطة الاقتصادية والخدمات التي تقدمها الحكومة والقطاع الخاص لا محال منها وحتمية التعايش المجتمعي لجعل الفرد حاميا لنفسه بنفسه وفق ضوابط معينه للتأقلم والتعايش مع الفيروس تحددها اللجنة لدواعٍ اقتصادية.

نحن أمام خطر محتم والتعايش القهري والتخلّي عن الكثير من العادات ومنها التغلّب على ظاهرة القيظ، فلابد من استشعار خطورة هذا الوباء والإحساس بالمسؤولية وهذا لن يتأتى إلا بتطبيق إجراءات الصحة السليمة الذاتية، حيث بات هذا الوباء ينتقل بين أفراد المجتمع بصورة هائلة كما هو واضح من خلال ارتفاع في معدلات الإصابة بالفيروس للمواطن والمقيم لا يقتصر على فئة معينه وأن أدوات الوقاية والالتزام بالعزل بالمنزلي حماية لصحة الأفراد للتقليل من إزهاق أرواح من نحبهم، والعمل على تطبيق الإرشادات الصحية السليمة يقينا من مخاطر المرض؛ ومنها ارتداء الكِمامات في الأماكن العامة والتباعد الجسدي والاجتماعي من خلال النظافة الشخصية والتخلي عن بعض عادات المصافحة والسلام التقليدي والمداومة على نظافة اليدين بشكل مستمر لتنقشع حالة الذعر.

نسأل الله السلامة وأن يحفظ الجميع.

تعليق عبر الفيس بوك