نحو إجراءات أكثر صرامة في معركة كورونا

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

 

تعطلت الحياة في طول البلاد وعرضها بسبب جائحة كورونا، المحلات مغلقة، العمال دون عمل، القطاع الخاص يساوم موظفيه على الرواتب، أصحاب العمل متضررون، المظاهر الاجتماعية قلّت، وانعدمت حفلات الأعراس وسرادق العزاء، إلا أن هناك من يخرق القانون ويتسبب في إيذاء غيره دون أن يرف له جفن، ويضرب بتعليمات اللجنة المكلفة بمتابعة تداعيات جائحة كورونا عرض الحائط، وهو يستحق العقاب الشديد خاصة من يقيم حفلات اجتماعية أو تجمعات عائلية تتسبب فيما بعد بكارثة.

وفي هذا المشهد المعقّد تقف الدولة حائرة، بين الموت السريري للحياة الاقتصادية، وبين الحفاظ على حياة البشر وأرواحهم، وآثرت أن تمسك العصا من المنتصف ـ قدر الإمكان ـ وهي تدفع في سبيل ذلك الكثير من المال والجهد، ولكن ما باليد حيلة..ففتح الأنشطة الاقتصادية يُنذر بانهيار صحي، والإبقاء على الوضع كما هو عليه يُنذر بانهيار اقتصادي، وهي تراهن على (الوعي المجتمعي) على المدى الطويل، وهذا (الوعي) لا يعوّل عليه كثيرا، خاصة من قبل أفراد مستهترين، لا يهمهم غير (المتعة (اللحظية) الآنية التي يعيشونها، دون أن ينظروا إلى أبعد من خطى أرجلهم، والصور والفيديوهات التي يتم تناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمثل هذه التجمعات تثير الغيظ والغضب والتساؤل، فهم يتسبّبون بكوارث صحية على المستوى الوطني، وعدم التزام هؤلاء وأمثالهم يعني أن الأزمة ستطول، وأن الدولة والمواطن سيدفعان ثمنا يفوق قدرتهما، بينما الحل بسيط ويكمن في الالتزام بـ(التباعد الاجتماعي)، والحفاظ على النظافة الشخصية..وكفى.

إن الأعداد التي تطالعنا بها وزارة الصحة يوميا، أصبحت أعدادا مخيفة، تدعو للقلق، ومعظمها بين العمالة الوافدة، وهذا لا يعني براءة المواطن من نقل الفيروس إلى غيره بسبب استهتاره، وعدم امتناعه عن التجمعات والاختلاط، وأعتقد أنه حان الوقت لتطبيق القانون بصرامة ضد التجمعات التي تحدث على الشواطئ، وفي المجمعات، وفي الأماكن العامة، وعلى شرطة المهام الخاصة ـ التي تنتشر مراكزها في كل ولايةـ مهمة مركزية في ضبط مثل هذه التجمعات وتفريقها، وتطبيق النظام على المخالفين.

كما يجب تطبيق إلزام ارتداء "الكمامات" على الأفراد، وعدم التهاون في ذلك، وتطبيق عقوبات رادعة في حق من لا يمتثل للأوامر، وهناك دول عديدة في العالم طبّقت هذا الإجراء، وهو إجراء صحي هام، فالكثيرون لا يعيرون "الكمامات" اهتماما، ويخرجون في الأماكن العام، ويختلطون بالناس، وقد يكونوا مصابين بالفيروس، مما يتسبب في نقل العدوى لغيرهم.

جانب آخر وهو إلزام أصحاب العمل توفير بيئة صحية مناسبة لعمالهم، فالبيئة السيئة التي يعيشها أغلب هؤلاء العمال، وتكدّس عشرات منهم في مكان سكني ضيّق، وغير صحي يزيد من احتمالية انتقال العدوى بينهم بشكل أسرع وأكثر فتكا، وقد رأينا نتائجه في الفحوصات الصحية التي تزيد أعدادها كل يوم، وذلك سببه استهانة صاحب العمل بصحة عماله، وحاجته لهم للإنتاج فقط، دون ان يتحمل أي تكلفة إنسانية إضافية.

أما الجانب الأهم في هذا الوضع الخطير الذي تعيشه البلاد فهو في مزيد من عزل المناطق الأكثر تضررا سواء في محافظة مسقط أو المحافظات الأخرى، وخاصة في المناطق الصناعية الرئيسية، والتي يتكدّس فيها العمال، وتشكل بؤرا حالية أو محتملة لتفشي الوباء، نظرا للأوضاع التي يعيش فيها كثير من العمالة الوافدة، وهذا اجراء احترازي ضروري جدا في مثل هذا الوضع، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، وتعود عماننا أجمل وأفضل وأكثر إشراقا بإذن الله.

حفظ الله البلاد والعباد من شر هذه الجائحة، وآثارها.