سعيد بن حميد الهطالي
وضعت السلطنة الابتكار محورًا أساسيًّا في توجُّهها الإستراتيجي لتكوين "جهاز حكومي مرن مبتكر وصانع للمستقبل قائم على مبادئ الحوكمة الرشيدة"، وقد ضمَّن السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- في أول خطاباته "الاهتمام بالابتكار الذي سوف يكون على سلم أولويات الحكومة في المرحلة المقبلة".
من هذا المنطلق، فإنَّنا أمام مرحلة جديدة تُحفزنا بعزم على رسم خارطة طريق للابتكار لجعله هدفاً إستراتيجياً داعماً للتنمية المستدامة للسلطنة، ليضعنا أمام تجربة تنموية وعملية لبناء مرحلة نهضوية عمانية متجددة، وقودها الوحدة الوطنية والتلاحم الوطني الذي يُؤكد على التفاف الشعب حول قيادته برُوح من الثوابت الراسخة التي تميَّز بها الإنسان العماني على امتداد التاريخ، وغدت جزءًا من صفاته الشخصية والاجتماعية كقِيَم التعاون والترابط والتكاتف والتماسك بين أبناء المجتمع؛ لترجمة معاني الوفاء والولاء للوطن الذي تسمو به روح التفاني والعمل الجاد، لنتجاوز معاً جميع التحديات، ولنعبر بوطننا العزيز إلى برِّ الأمان والازدهار والرخاء. ولكي يتم ذلك العبور الآمن، علينا الأخذ بكفاءة الوسائل لتحقيق الأهداف المرسومة، ويتجلَّى ذلك الأخذ من خلال تكريس برامج العمل الواسعة والمكثفة بالبحث والتطوير والابتكار، وإعطاء الأولوية لبرامج التدريب على الابتكار. فكما أشرتُ في لقاءات سابقة إننا أمام مستقبل يتطلب منا منهجيات تخطيط، ووضع سيناريوهات ومراجعات دقيقة مبنية على فهم دقيق، ووعيا عميقا بالمتغيرات المتسارعة على الساحة العالمية تحتاج تهيئة البنية الأساسية لا سيما التكنولوجية لإطار السعي نحو التحول الرقمي، ليتيح إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وفق مفاهيم متطوِّرة قابلة للانتقال لكل ما هو جديد من تشريعات، وبرامج عمل، وإجراءات، وتقنيات تشمل منظومة العمل المؤسسي ككل بشكل متكامل، بما فيه البُعد الفكري للقيادات لضمان تحقيق التغيير، وامتلاك القدرة على التأثير الفاعل، وإدخال ثقافة الابتكار في بيئة فعالة تنمي وتصقل مهارات التفكير الابتكاري، وتُسهم في توفير مناخ يحفز على الابتكار، ويضاعف من جودة العمل، وفاعلية الموظفين وقدراتهم على الإبداع والابتكار، وتوليد الأفكار الجديدة، واكتشاف الحلول لها بما يملكون من قيم وظيفية ومهارات وإستراتيجيات وتطبيقات عملية تبدع نتائج جديدة تتناسب مع روح العصر، وتساعد على تحقيق الأهداف المراد إنجازها بالكفاءة والفاعلية المرتفعة لتحقيق الأهداف المؤسسية.
إننا في السلطنة نملك كل مقومات نجاح التنمية، وبلادنا تزخر بالعقول ذات الأفكار النوعية النيرة القادرة على الإبداع والابتكار، فكل يوم تُطالعنا وسائل الإعلام على منجزات ابتكارية عمانية جديدة في مختلف المجالات والتخصصات.
كلُّ ما علينا هو السعي للاستثمار الأمثل المتاح من إمكانات وقدرات بجعل الابتكار الهدف الإستراتيجي لدعم التنمية المستدامة.
فمستقبل بلادنا مشرق، وأرضنا أرض خصبة، بيئتها مُلهِمة، تجود بعطاء أبنائها الذين ينثرون عرق جهدهم وكفاحهم في نواحيها، وعبق جدهم واجتهادهم في جوانبها؛ فعلينا أن ننظر للحياة في أحلك المحن والظروف نظرةً مشرقةً، يملؤها التفاؤل والأمل؛ فكل الشدائد والمصاعب تنحني صاغرة أمام هَامة الإرادة والعزيمة الإيمانية الوطنية.