على الرغم من التحديات المرتبطة بتأثيرات "كورونا"

"فايننشال تايمز": الصين مُقبلة على قيادة العالم من بوابة الاقتصاد

ترجمة- رنا عبدالحكيم

بينما يتجه العالم إلى ما قد يكون أسوأ أزماته منذ الكساد الكبير، ثمة بصيص من الأمل من الصين، في اتجاهين؛ الأول: أن الاقتصاد الصيني يبدو أنَّه بدأ في انتعاش محسوب من انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.8% في الربع الأول، وهو أسوأ أداء له منذ سبعينيات القرن الماضي، بينما الاتجاه الثاني يتمثل في أن بكين تتحدث عن المزيد من الدعم السياسي للاقتصاد.

لكن- بحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية- الصين لا تُظهر أي نية لإطلاق حزمة ائتمانية قوية من النوع الذي ساعد على إخراج الاقتصاد العالمي من الركود في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008. وتتحلى بكين بحذر كبير الآن مقارنة بالوضع قبل 11 عامًا، ربما لأنَّ نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت أكثر من 300%، أي أنها لا تستطيع تحمل تراكم الديون الجديدة الضخمة.

ومع ذلك، فإنَّ البيانات التي كشفت عنها الصين أواخر الأسبوع الماضي هي محل ترحيب، وقد أعلن المكتب السياسي المؤلف من 25 عضوا، أعلى هيئة في البلاد، أنه سيعزز الطلب المحلي، ويشجع الإنفاق الاستهلاكي ويرفع الإنفاق العام. لكن بيان المكتب أكد أيضاً على الحذر.

ويمكن للصين أن تكون أكثر قوة من أجل نفسها ولصالح العالم الأوسع من حولها. ووفقًا لشركة جافيكال، وهي شركة أبحاث، كان تخفيض سعر الإقراض القياسي 20 نقطة أساس معتدلًا، مقارنة بإجراءات معظم البنوك المركزية الأخرى في المنطقة. وبالمثل، من المرجح أن تعزز خطة إصدار سندات خاصة لتمويل البنية التحتية نشاط البناء بنسبة متواضعة تتراوح بين 10 و20%.

وصحيح أن الصين قد تشعر بأنها غير مستعدة لمساعدة العالم الخارجي، خاصة بعد صخب الانتقادات التي أعقبت سوء إدارتها المبكرة لفاشية كورونا ودبلوماسيتها شديدة اللهجة في الأسابيع الأخيرة، لكن هذا الوباء يمثل فرصة للقيادة. ويمكن أن يساعد استغلالها للوضع إلى تعزيز مكانة البلاد على الساحة العالمية، خاصة في ظل غياب السلطة الأمريكية، كما سينتج عن ذلك ترك المجال للاعبين الأصغر مثل نيوزيلندا وتايوان وكوريا الجنوبية وهونج كونج لإظهار أفضل رد.

وقد لا تدرك بكين مدى عمق سمعتها التي تضررت، ليس فقط لأن الفيروس انتشر من ووهان، ولكن أيضاً تصريحات دبلوماسيها. فقد أثار ادعاء زهاو ليجيان المتحدث باسم وزارة الخارجية، بأن الفيروس ربما يكون قد نشأ في الولايات المتحدة، اعتراضات في جميع أنحاء العالم. وفي الآونة الأخيرة، نشرت السفارة الصينية في فرنسا رسالة قوية اتهمت مقدمي الرعاية في منازل كبار السن بالتخلي عن وظائفهم وترك المسنين للموت.

بيد أن الوقت لم يفت بعد، فإذا كانت بكين لا تزال تريد استرداد بعضاً من قوتها الناعمة التي بنتها على مدى العقود الأخيرة، فيجب أن تقودها بأقوى أوراقها وهو الاقتصاد. ويمكن لبكين أن تنفذ الإجراءات الهادفة لتحفيز الطلب الصيني على تعويض تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما إن إدارة عجز كبير في الحساب الجاري - واستيراد المزيد من بقية العالم - من شأنه أن يساعد الاقتصادات المحاصرة في كل مكان.

وهذه الدورة الاقتصادية ستفيد الصين نفسها أيضًا؛ حيث تعمل على صقل أوراق اعتمادها في عالم يعاني من المشاعر المعادية للعولمة. إن دفع الإصلاحات الهيكلية في الداخل، وإطلاق العنان لقطاع خاص نشط، من شأنه أن يعزز الاقتصاد.

وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول إن لدى الصين الآن خيار، إما أن تستمر في الشعور بالانزعاج والاستياء، أو يمكن أن تسمو فوق هذا الشعور، وتساعد على إضاءة الطريق للعالم وتساعد في إيجاد مخرج من المصيبة الإنسانية والاقتصادية التي ألمت بالعالم.

تعليق عبر الفيس بوك