سلة عُمان الغذائية

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

قديماً كانت عُمان لديها اكتفاء ذاتي في الغذاء؛ فلا تستورد سوى مادتيْن فقط؛ هما: الأرز والبن، وفي غالب الأحيان يتمُّ الاستغناء عنهما بالقمح، واستخدام نواة التمر بديلاً عن البُن.. ولعلَّ ذلك يعود للتعداد السكاني في تلك الحقبة من الزمن.

ففي مقال سابق، تطرَّقت إلى الاكتفاء الذاتي من المحاصيل التي تُنتجها عُمان، وخصَّصت بالذكر المنتوجات الزراعية في وادي السحتن بولاية الرستاق، والذي أطلق عليه مسمى "مندوس عُمان"؛ فالمندوس هو الصندوق الذي تُضم فيه المقتنيات الثمينة كالذهب والفضة والنقود؛ فالتسمية لم تأتِ اعتباطاً؛ فقد كان وادي السحتن يمتاز بالزراعة، لا سيما المزروعات التي تعدُّ الأهم للغذاء، كزراعة الحبوب؛ مثل: الذرة، والقمح، والحنطة، والبقوليات كالفول والحمص واللوبياء، ومنتجات الثوم والبصل والليمون والسفرجل والأعلاف... وغيرها من المنتجات التي تُصدَّر لسوق الرستاق الذي كان يعتبر قديماً ملتقى التجارة من الرستاق والجبل الأخضر والظاهرة وساحل الباطنة؛ ليجد المشتري حاجته في هذا السوق كلٌّ حسب حاجته؛ مما كان يُشكل اكتفاءً ذاتيًّا من البضائع، خاصة تلك المستوردة من مندوس عُمان، كذلك تشتهر معظم قرى وادي السحتن بتربية النحل؛ مما أكسب الوادي شُهرة في جودة عسل النحل بمختلف أنواعه وألوانه وطعمه؛ وذلك بسبب وجود المراعي الطبيعية خاصة أشجار السدر والسمر، كذلك يهتم الأهالي بتربية المواشي والأغنام التي تنتج اللحوم والألبان والأجبان والسمن المحلي النقي.

فمع تطوُّر الحياة وانفتاح البلاد، والتوسُّع في إنتاج النفط والمصادر الأخرى للدخل في البلاد، فقد أُتِيحت فرص العمل أمام الشباب؛ سواءً في القطاع المدني أو السلك العسكري الذي فضله الشباب عن الاشتغال في المجال الزراعي؛ فقد تركت الحقول والمزارع للعامل الأجنبي الوافد لينهل من خيراتها ويتمتَّع بالخيرات الوفيرة من المزارع والمحاصيل الزراعية المختلفة.

وفي تقرير مُتلفَز بثَّه تلفزيون سلطنة عُمان قبل أيام، حول مزارع نجد بولاية ثمريت بمحافظة ظفار، أشار فيه المتحدثون من المزارعين والمختصين بعودة زراعة القمح بعد تجربة ناجحة قبل سنتين بزراعة 60 فدانا بإنتاج يقارب 95 طنًّا وبجودة عالية.

ويؤكد المزارعون أنه بالإمكان تغطية احتياجات السلطنة بحوالي 90% من منتوج القمح و80% من المنتوجات الأخرى من الخضار والفواكه، وجاء في التقرير أنَّ المساحة الزراعة في منطقة نجد تبلغ 40 ألف كيلومتر مربع؛ فهذه المساحة كافية لتحقيق نسب عالية من الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الإستراتيجية.

كما يُشير التقرير إلى أنَّ هناك 115 مزرعة تنتج 27 ألف طن من الخضار سنويًّا، وتصل إنتاجية الحشائش إلى أكثر من عشرة ملايين ربطة في العام، كما تنتج أكثر من 39 ألف نخلة أكثر من حوالي ألف طن من التمور، و143 ألف طن من محاصيل الفاكهة المتنوعة.

وفي محافظة الداخلية، تزدهر زراعة القمح؛ فهناك ما يقارب الألف فدان تمَّت زراعتها بمحصول القمح بإنتاجية تقارب 1500 طن، وتعتبر زراعة القمح في محافظة الداخلية من الزراعات الأساسية؛ لما تشكله من أهمية في الإنتاج الغذائي، وكذلك محافظتا جنوب الباطنة والظاهرة؛ فهناك اهتمامٌ كبير بزراعة القمح بمحاصيل كبيرة؛ مما يشير إلى الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول المهم في حياة الانسان. وفي محافظة الداخلية أيضاً، هناك اهتمام كبير بزراعة وإنتاج السكر الطبيعي بكميات وفيرة ولله الحمد.

أمَّا في محافظة جنوب الباطنة، وخاصة ولايتي بركاء والمصنعة؛ فهناك مزارع عديدة ومساحات شاسعة من الرقعة الزراعية، إلا أنَّها سُلِّمت للعامل الوافد إلا القليل منها؛ فقد تحولت معظم المزارع إلى مزارع ترفيهية للنزهة من قبل أصحابها، وسُلِّمت للعمالة الوافدة لرعايتها مقابل استغلال منتوجاتها من أجل توفير أماكن ترفيهية في الإجازات لقضاء بعض الوقت.

فلو استُغِلَّت هذه المزارع الاستغلال الأمثل، لما احتجنا إلى الاستيراد من الخارج.