أضواء في عتمة الأزمة

علي النعماني

في علم القيادة يُذكر دائمًا أنَّ القادة الناجحين هم من تظهر مهاراتهم وقدراتهم في وقت الأزمات، نظراً للمواقف الصعبة التي تصادف المنظمات أو الدول في خضم الأزمات، والطرق المُثلى التي يسلكها هؤلاء القادة من أجل اتخاذ قرارات مؤثرة وفاعلة تهدف للحيلولة دون الوقوع في إشكاليات وتعقيدات لا تحمد عقباها.

والمتأمل في العمل المنظم في إدارة أزمة تفشي جائحة فيروس كرونا من قبل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن (كوفيد-19)، يدرك جلياً حجم الجهد والعمل الواضح في التعامل مع مجريات الأمور واتخاذ القرارات المناسبة وفق المواقف والتطورات المتلاحقة، وبالطبع هذه القرارات المتخذة من شأنها الحد من التأثير المباشر لهذه الجائحة، ولمسنا في الفترة السابقة الالتزام التام من قبل الجميع بكل التعليمات والقرارات الصادرة عن اللجنة العليا وهذا حتماً يدل على الوعي الكبير لدى شرائح المجتمع بالآثار الناتجة عن هذه الجائحة.

وعلى نطاق المؤسسات والشركات التي بادرت مشكورة بتقديم الدعم والمساندة في هذه الأزمة- التي أثرت على دول العالم- وفي مُقدمتها دول عظمى كان يشهد لها بالمكانة الطبية الصحية على مستوى عالمي. ومن ضمن هذه المؤسسات التي استوقفني خبر مساهمتها في هذه الأزمة هي مساهمة الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال والتي تبرعت بمبلغ سخي جداً يُقدر بستة ملايين ريال عُماني، أربعة منها ذهب لصندوق الأمان الوظيفي والذي تمَّ تخصيصه بأوامر سامية من لدن صاحب الجلالة -حفظه الله- بهدف المساعدة لموظفي القطاع الخاص المتأثرين بإشكاليات التسريح من العمل، ومليونا ريال للصندوق المخصص لدعم جهود وزارة الصحة، وهذا الرقم الذي يعتبر أعلى رقم للتبرع إلى الآن من قبل المؤسسات التي ساهمت بالصندوق، ينم عن الحس الوطني للقادة في هذه الشركة التي نفخر ونفاخر بها دائماً، وعلى رأس هرمها معالي الدكتور محمد الرمحي وزير النفط ورئيس مجلس إدارة الشركة وكل القادة الفاعلين في الشركة كان لهم الدور الكبير في تخصيص هذا الدعم السخي رغم أن ثمة مساهمين فيها من خارج السلطنة يقدر بـ 49% وهذا مؤكد بأنّه بمثابة تحدٍ كبير في الدعم، ولكن بفضل الفكر القيادي للنخبة القيادية بالشركة استطاعوا إقناع المساهمين من أصحاب المصلحة بهذا الدعم، وليس بغريب أن تنبثق من هذه الشركة مؤسسة تنموية كان لها الدور الفاعل والمؤثر في التنمية المستدامة في السلطنة على مدار عشرين عاما تقريبا منذ إنشائها وتعيين شخص من الكفاءات الناجحة كرئيس تنفيذي لها وهو المتميز دائمًا خالد بن عبدالله المسن،  فشعار نلامس حياة الناس الذي اتخذته هذه المؤسسة يجسد رسالتها ونهجها المبني على الاهتمام بالإنسان العماني وتطويره ودعم المشاريع التي تخدمه، وتقدر المشاريع التي دعمتها المؤسسة طوال السنوات الماضية بحوالي سبعة آلاف مشروع منها ثلاثمائة وثلاثون مشروعاً موجهاً لذوي الإعاقة وبإجمالي مبلغ خمسمائة مليون دولار أمريكي، وقد استضفت سابقا الفاضل راشد النصري نائب الرئيس التنفيذي في برنامج دورب المشرقة وكان الحديث حول دعم المؤسسة لمشاريع ذوي الإعاقة والذي وضح فيها دعم المؤسسة مشاريع عدة تختص بذوي الإعاقة كان منها مؤخراً إنشاء المركز الوطني للتوحد بمبلغ مليونين ومئتي ألف ريال عُماني إضافة إلى إنشاء وحدة للتوحد بمركز الوفاء بولاية صور وإنشاء وحدة تخدم ذوي الإعاقة بجامعة السلطان قابوس علاوة على إنشاء قسم للألعاب خاصة لذوي الإعاقة بحدائق الصحوة. وحقيقة يعجز اللسان عن التعبير بالفخر بمثل هذه المشاريع الموجهة لذوي الإعاقة وكلنا ثقة بأنَّ المؤسسة التنموية بالشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال ماضية في تحقيق غايتها وأهدافها بكل جسارة وإتقان، كما تستحق منِّا التقدير للجهد غير العادي المبذول من كل الكفاءات بالمؤسسة.

 فألف شكر وتحية لكل من أخذ على عاتقه مسؤولية عظمى لخدمة هذا البلد الطيب وفي هذا الوقت الحرج، فهم كأضواء ينيرون سماء عُمان لتنجلي هذه العتمة بعون الله ونعود جميعا لخدمة عمان بجهد مضاعف وعزيمة متوقدة لا تنطفئ أبدا.