فايزة بنت سويلم الكلبانية
(1)
"صندوق الأمان الوظيفي".. أحد أهم المشروعات التي يجري العمل على تنفيذها، وقد جاء بتوجيهات سامية من لدن حَضْرَة صَاحِب الجَلالَة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والذي يَعكسُ مدَى الحرص السامي على رعاية المواطن في القطاع الخاص؛ نتيجةً لما يمرُّ به هذا القطاع من تحديات ومصاعب أضرت بالعديد من المواطنين، الذين تعرضوا لعمليات تسريح وفصل وخفض رواتب.
ومع زيادة الأعباء والتحديات الهائلة على القطاع الخاص، لابد من الإسراع في تفعيل الصندوق من باب إكمال منظومة التأمين الاجتماعي للقطاع الخاص؛ فهو مُؤخرًا أصبح حديث الساعة ومحور النقاش نتيجة لظاهرة تسريح القوى العاملة الوطنية بالقطاع الخاص، والتي بدأتْ ذروتها خلال الشهر الأخير. فمن شأن هذا الصندوق أن يعمل على توفير رواتب لمن يفقدون أعمالهم بشكل إجباري ولظروف طارئة وخارجة عن الإرادة، لفترة زمنية محددة.
ورغم أنَّ جلالة السلطان المعظم -أيَّده الله- تفضَّل وتبرَّع بـ10 ملايين ريال عماني، لكن حتى اللحظة لم يتم تفعيل الصندوق، كما لم تتضح بعد آليات عمله؟ ولا من الجهة المكلفة بإدارته؟ وهيكله التنظيمي، وكيفية استفادة المسرحين منه؟
(2)
واقع القطاع الخاص اليوم في ظل توقف أو -في أحسن الظروف تباطؤ- الإنتاجية، وغياب الدخل لدى أغلب المؤسسات، يتطلب فعلا التدخل لإنقاذ الوضع الذي يدفع ثمنه العاملون بالقطاع في صورة خصم من الرواتب بشكل إجباري، ووصل الخصم في العديد من المؤسسات إلى 50%، بل هناك من ذهب لأكثر من ذلك، علاوة على تسريح عدد آخر من العاملين، الذين لا حيلة لهم ولا قوة، فضلا عن عدد لا بأس به من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يهددها شبح الإفلاس. وهنا أشير أيضا إلى صندوق المسؤولية الاجتماعية والقطاع الخاص، الذي دشنته مشكورة غرفة تجارة وصناعة عُمان، والذي لم يبدأ العمل أيضا، لكني أقترح أن تتضمن أهداف الصندوق إضافة "بند الرواتب" لدعم العاملين وأصحاب الأعمال الذين يتعرضون لخسائر تهدد بإغلاق مؤسساتهم.
(3)
لا يخفى على أحد أن الحكومة تعول على القطاع الخاص ليكون قاطرة التنمية في السنوات المقبلة، فضلا عن دوره في حل أزمة الباحثين عن عمل، وأيضا تحمله الجزء الأكبر من الضرائب في الدولة، ولا اعتراض على ذلك؛ فقد استفاد القطاع الخاص كثيرا من الدعم الحكومي وآن الأوان لكي يرد الجميل، لكن عن أي قطاع خاص نتحدث؟! المؤكد أننا نتحدث عن أصحاب مجموعات الشركات التي تضمُّ العشرات من الشركات التابعة، وليس المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. لذلك؛ نطالب دائما في المقابل بتبسيط الإجراءات وتذليل العقبات أمام القطاع الخاص، بما يمكنه من مضاعفة العطاء وتحقيق الأهداف المرجوة، لكن للأسف في ظل التحديات القائمة -وأهمها: تسريح العاملين العمانيين أو الزملاء الوافدين- والخصم الكبير في الرواتب، يدل على أن القطاع الخاص في بلادنا هش، لدرجة أن الكثير من مؤسساته لن تصمد طويلا. ورغم أننا نجد الأعذار للقطاع الخاص فيما يتخذه من إجراءات، إلا أننا نناشد فيهم روح التكافل والتعاضد، وألا ينحنوا للعاصفة في بدايتها، بل عليهم المثابرة والكفاح.
(4)
لا شكَّ أن موظفي الجهاز الإداري للدولة وفي أي قطاع غير القطاع الخاص، يشعرون بالأمان الوظيفي، لكن في المقابل العاملون بالقطاع الخاص ينتابهم الخوف كل لحظة على مستقبلهم ومستقبل أسرهم؛ فهناك من يعول 5 أفراد، وهناك من يعول أسرته الصغيرة إلى جانب أسرته الكبيرة من أب وأم وإخوة، وفي أحيان أخرى الجد والجدة! فمن لهؤلاء إذا ما وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في الشارع بلا عمل وبلا راتب!!
ورغم أنَّ وزارة القوى العاملة مشكورة طالبت القطاع الخاص بعدم المساس برواتب العاملين، إلا أن الكثير من المؤسسات ضربت بهذه التوجيهات عرض الحائط ونفَّذت ما تريد، وخفضت الرواتب وسرحت موظفين... فأين الأمان الوظيفي للقطاع الخاص والعاملين فيه؟!