"فايننشال تايمز": إغلاق البورصات يسبب انهيار الأسهم.. واستمرار التداول يمتص الصدمات

ترجمة - رنا عبدالحكيم

قالَ تقريرٌ نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إنَّ التوجُّه الحالي نحو إغلاق البورصات المالية لا يمثل السبيل الأمثل لوقف تدهور الأسواق المالية، مشيرا إلى أنَّ الإغلاق لن يمنع الانهيار أو التراجعات الحادة بأسعار الأسهم.

فحتَّى بعد أن أطلقت البنوك المركزية حزمة دعم اقتصادي، تراجعت الأسواق مرة أخرى بعدها بساعات، وإغلاق الأسواق المالية مؤقتًا، يشبه ما فعله الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين ديلانو روزفلت مع البنوك الأمريكية في العام 1933. ومع ذلك، على الرغم من حجم الانخفاضات؛ فمن الأفضل أن تظل مفتوحة.

ولم تعد الأسواق قادرة على العمل كوسيلة لتخصيص رأس المال بكفاءة، لكنها تضع أزمة مالية على رأس أزمة اقتصادية وصحية.

غير أنَّ الأسواق لا تعمل بشكل خاطئ، ويُمكن لتحركات أسعار الأوراق المالية العنيفة أن تستنزف الثقة الاقتصادية، لكنها ليست في حد ذاتها علامات على أن الأسواق لا تعمل بكفاءة. ويمكن أن يؤدي إغلاق البورصات إلى خلق المشكلات الاقتصادية التي يؤمل تفاديها؛ حيث يتم إغلاق الباب أمام المستثمرين، لكنهم سيكافحون من أجل تقييم الأصول وتلبية عمليات الاسترداد. لذا؛ فمن المهم بشكل خاص عدم استبعاد صغار المستثمرين من التداول؛ نظرًا لأن كبار المستثمرين سيواصلون التداول.

ولا تعكسُ الأسعار الحالية مخاوف السوق، لكنها لا يُمكن استخدامها لقياس التأثير الاقتصادي لحظر السفر، وإجراءات التباعد الاجتماعي وتعطيل سلاسل التوريد. ومن المتوقع أن يستقر التداول عندما تتَّضح التوقعات بصورة أفضل.

المعلومات تفيد بأنَّ لقاح الفيروس بات قريبا، وأن معدلات الإصابة منخفضة عما هو متوقع، والجهود المبذولة لدعم القطاعات ستساعد في تعزيز أسعار الأسهم. وقد أثبتت الإجراءات التي اتخذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية لتحسين السيولة -بما في ذلك جولة جديدة بقيمة 700 مليار دولار من التيسير الكمي وخفض سعر الفائدة وخطوط مبادلة الدولار للبنوك المركزية الأجنبية- أنها غير كافية، لكن تظهر أن السلطات الدولية بدأت في التعاون وتنسيق الجهود.

إنَّ مقارنة الوضع الحالي مع ما فعله روزفلت عام 1933 مضللة؛ فالبنوك ليست أسواقا مالية، وقد صُمم الإغلاق لمدة أسبوع لوقف التدفقات المصرفية، وكذلك لوضع مؤسسة جديدة لضمانات الودائع قبل إعادة فتحها. لكن لا يوجد اقتراح بأن يتم إغلاق السوق مقابل إجراء إصلاحات مهمة. ففي الماضي، أغلقت البورصات عادة فقط بسبب الاضطراب المادي؛ حيث أغلقت بورصة نيويورك لفترة وجيزة بعد إعصار ساندي وهجمات 11 سبتمبر.

وهناك تدابير أخرى بديلة لتهدئة الاضطرابات؛ فقد طلبت الهيئة التنظيمية الأسترالية من المؤسسات تخفيض تعاملاتها بمقدار الربع؛ لأن حجم المعاملات المصرفية يخاطر بإرهاق البنية التحتية للقطاع.

ويرى التقرير أنَّه يجب على الحكومات التركيز على الصحة العامة أولاً، ومن ثم الاستجابة المالية ثانياً. فمن شأن ذلك المساعدة في استقرار الأسواق أكثر من إغلاقها. وعلى الرغم من أنَّ البنوك المركزية وظفت معظم حلولها، فإن وزراء المالية سيحتاجون الآن إلى استخدام الميزانيات العمومية الحكومية لجعل الركود ضحلًا قدر الإمكان؛ سواء من خلال توفير الائتمان والقروض للشركات المتعثرة أو الإنفاق على الرعاية الاجتماعية للعمال.

وإغلاق الأسواق سيزيد من خطر الانهيار بمجرد إعادة فتحها، حال استمرار الصدمات الاقتصادية أثناء الإغلاق. وطالما ظلت الأسواق المالية تعمل، فهي بذلك تبعث برسالة قوية مفادها أن هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات؛ إذ لا تستطيع البنوك المركزية وحدها أن تتجاوز التحدي الذي يمثله الوباء، ومن هنا يجب على الحكومات أن تتصرف بسرعة وألا تتهرب من مسؤولياتها.

تعليق عبر الفيس بوك