علي بن بدر البوسعيدي
في الخطاب السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وردت كلمة "إعلاء" حوالي 3 مرات، وفي كل مرة يترسخ المعنى الحقيقي والوطني لهذه المفردة العجيبة، والتي تعكس حرصا ساميا على انتقاء مفردات الخطاب وفق رؤية ثاقبة مُحددة الأهداف والغايات.
المواضع الثلاثة للكلمة، هي كالآتي: "لقد عرف العالم عمان عبر تاريخها العريق والمشرّف، کیانا حضاريا فاعلا، ومؤثرا في نماء المنطقة وازدهارها، واستتباب الأمن والسلام فيها، تتناوب الأجيال، على إعلاء رايتها..." أما الموضع الثاني: ".... وبجهود المخلصين من أبناء عمان الذين نسجل لهم كل التقدير والإجلال على ما بذلوا من أجل رفعة عمان، وإعلاء شأنها"، فيما كان الموضع الثالث: "... فإننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئ وتبني أحدث أساليبه". وفي كل توظيف لكلمة إعلاء نستطيع أن نستشعر الحس الوطني الكبير لجلالته، وإدراكه السامي لأهمية تضافر الجهود من أجل إعلاء راية الأمن والسلام في عمان، وإعلاء شأن ورفعة الوطن الغالي، وإعلاء قيم ومبادئ العمل وتبني أحدث أساليبه.
ومن هذا المنطلق، أرى أنّه يتعين علينا جميعا أفرادا أو مؤسسات، أن نتعاون على إعلاء الشراكة المجتمعية، وتكاتف جميع الجهود من أجل أن نخرج من الأزمة التي فرضتها علينا الظروف الخارجية، والخارجة عن إرادتنا، فأسعار النفط المنخفضة وتداعيات تأثير فيروس كرونا على أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، تتطلب إعلاء المصلحة الوطنية وتضافر الجهود من أجل أن نعبر إلى بر الأمان. وهذا لن يتحقق سوى بإدراك كل موظف في الحكومة مسؤوليته تجاه الوطن، وأنّه يتعين عليه العمل من أجل رفعته، من خلال تبسيط الإجراءات أمام المستثمرين والقطاع الخاص، والقضاء على البيروقراطية التي تعرقل مسيرة العمل الوطني.
والحديث عن ضرورة تبسيط الإجراءات لا ينتهي، فلا زال أمامنا الكثير لإنجازه في هذا المضمار، فعدد من الوزارات يواصل الأداء البطيء في إنجاز المعاملات، وهناك من المؤسسات الحكومية التي لم يصلها التحديث بعد، ولا تستخدم الوسائل الإلكترونية في تخليص معاملاتها، فهل يعقل أن تراسل وزارة كبيرة المؤسسات التابعة لها بالفاكس؟ ما يعطل العمل الحكومي ويهدر الموارد المالية في أوراق وأحبار، في حين أنّ الحل بسيط، وهو استخدام البريد الإلكتروني!!
إنّ إعلاء المسؤولية الوطنية كما ذكرت من قبل، يجب أن يكون دافعا ذاتيا في نفس كل مواطن، والبداية يجب أن تكون من المسؤول نفسه، من الوزير والوكيل والمستشار والمدير العام، حتى أحدث الموظفين تعيينًا في الدولة، علينا أن نتحد من أجل أن نواصل بناء عمان التي أراد لها جلالة السلطان الراحل، وأن ندعم كل خطوة يتخذها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم المعظم- أيّده الله- وإنني على ثقة وقناعة تامة بأننا نستطيع فعل ذلك.