الإرث الخالد

محمد بن حمد البادي

أرى أن عمان على أعتاب نهضةٍ تنمويةٍ أخرى، بل هي نهضة واحدة متصلة بسابقتها، متجددة بمن يحمل رايتها ويقود مسيرتها نحو التقدم والنماء، ترتكز على الإرث العظيم الذي أٌنجز خلال العقود الخمسة الماضية على يد صانع الأمجاد وباني النهضة الحديثة، جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه.

فالسلطنة مقبلةٌ في قادم السنوات على ازدهار اقتصاديٍّ ورفاهٍ اجتماعيٍّ بعون الله وتوفيقه، تحت قيادة من توسّم السلطان الراحل فيه من قدراتٍ ومؤهلاتٍ تؤهله لحمل هذه الأمانة، جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وسدّد على طريق الخير خطاه، وأعانه على رعاية مصالح البلاد والعباد، ليكون خير خلفٍ لخير سلفٍ.
(مهمتنا سهلة)، كلمتان خفيفتان قالهما جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ولكنهما ولّدتا لدى الجميع شعورا مملوءً بثقة كبيرة ونظرةٍ تفاؤليةٍ نحو مستقبلٍ مشرقٍ، مترسماً ـ جلالته ـ خطى سلفه السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه.

فسر بنا يا سليل المجد، أيها السلطان المعظم على بركة الله لنكمل مسيرة البناء، نتقدم بثقة نحو رؤية عمان 2040، نبنى حضارة عمانية خالدة، نتفاخر بها، ولتبقى إرثاً خالداً لأبناء عمان الأوفياء.
لقد ورد في النطق السامي الأول لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بمناسبة تنصيبه سلطاناً لعمان صباح يوم الحادي عشر من يناير 2020م "إن تخليد إنجازات السلطان الراحل ومناقبه إنما بالسير على نهجه القويم والتأسّي بخطاه النيرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المستقبل، والحفاظ على ما أنجزه والبناء عليه، هذا ما نحن عازمون بإذن الله وتوفيقه على السير فيه، والبناء عليه، لترقى عمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها وسهر على تحقيقها، فكتب الله له النجاح والتوفيق"
لقد كان عهد مولانا السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ وعلى مدى خمسين عاماً من العمل الجاد والمخلص عهداً زاهراً، تكلل ببناء دولة عصرية حديثة نجحت في أن تكون في مصاف الدول المتقدمة بعد أن كانت تحيط نفسها بسياجٍ من العزلة والجمود، فأصبحت منظومة دولة المؤسسات والقانون راسخة كرسوخ جبالها الشاهقة، وأضحى الشعب العماني على قدر كبير من الوعي بأهمية دوره في مسيرة البناء، كما ظهرت كفاءات وطنية نتفاخر بها في مختلف التخصصات، وأمست البنية الأساسية للسلطنة مكتملة في شتى المجالات التنموية، التعليمية منها والصحية والاجتماعية والثقافية والرياضية، فاكتسبت من خلالها السلطنة مكانة مرموقة على المستوى الإقليمي والعالمي، أضف إلى ذلك الاستقرار الأمني والسياسي الذي تعيشه السلطنة منذ زمن بعيد، وما تتمتع به السلطنة من مقومات عديدة وموارد متجددة.
لقد كان ـ رحمه الله ـ عنواناً للحكمة والسلام، ومدرسة تشع بنور العلم والمعرفة، تعلمنا منه عدم التدخل في شؤون الغير، وألا نعادي أحداً، فقد نأى ـ طيّب الله ثراه ـ بعمان بعيداً عن الصراعات الإقليمية والدولية، ولم يسجل التاريخ في عهده أن عمان اعتدت على دولة أخرى، فكل الدول أصبحت صديقة لعمان، والكل اعتبرها قبلة للسلام، والكل يشير لها بالبنان، والكل يراها مضرب الأمثال في التعايش السلمي داخلياً وخارجياً، وأصبح شعبها يقدم الدروس المجانية في كرم الأخلاق وحسن المعشر، فسادوا العالم بطيب تعاملهم وكرم أخلاقهم، لا يقابلون الإساءة إلا بالحسنى.
إن الإرث الذي خلّفه السلطان الراحل ـ رحمه الله ـ ما هو إلا امتداد للإرث العماني الخالد الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، يضاف لإرث من سبقوه من حكام وأئمة وسلاطين وملوك عمان عبر كل الحقب والأزمان، ولا شك أنّه سوف يسيل حبر كثير على صفحات الكتب والصحف والمجلات في محاولة لحصره وهيهات أن يحدث ذلك، وسيبقى اسم قابوس يتردد في أعماق من أحبوه ردحاً من الزمان، فكونوا عند حسن ظنه دائماً، فالعالم أجمع يرى في كل منكم (سلطاناً)، وفي قلب كل رجلٍ منكم (قابوس) السلام.

تعليق عبر الفيس بوك