ترسيخ ثقافة الابتكار

سعيد بن حميد الهطالي

saidalhatali75@gmail.com

الحمد لله الذي جعل العلم نوراً تهتدي به الشعوب والمجتمعات الإنسانية المتطلعة نحو غايات تنهض بالوطن والإنسان، أما بعد... ما هو الابتكار؟ وما مدى أهميته بالنسبة لمؤسسات الجهاز الحكومي للدولة؟ وما دواعي الحاجة إلى ترسيخ مفهوم ثقافة الابتكار كمنظومة عمل شاملة في المؤسسات الحكومية؟ وما مدى الاستفادة من أثر إرساء بيئة مؤسسية، وتشريعات محفزة داعمة للابتكار الحكومي؟ وما مدى إدراك الإدارة العليا في المؤسسات الحكومية لمفهوم الابتكار؟ وما أثر الثقافة التنظيمية على الابتكار في الجهاز الحكومي؟ وما مقومات التغلب على معوقات الابتكار في مؤسسات القطاع الحكومي؟

كل هذه التساؤلات وغيرها دفعتني إلى تناول مفهوم الابتكار بالتركيز على جانب العمل المؤسسي الحكومي لما له من تأثير مباشر وحساس على جميع الميادين والجوانب الأخرى؛ حيث تشهد مختلف دول العالم اليوم تحولاً ديناميكياً، وتغيرا سريعاً في مؤسسات وقطاعات الأعمال بسبب تزايد حدة المنافسة بينها،الأمر الذي نتج عنه إفراز مشكلات معقدة، ومتشابكة، وتحديات كبيرة؛ بدورها أثرت على مؤسسات العمل، وبالتالي حتّمت على تلك المنشآت ابتكار حلول لمواجهة تلك المشكلات؛ غير أنّ ابتكار الحلول يتطلب إيجاد منظومة عمل متكاملة لتوفير بيئة عمل مشجعة على صنع الأفكار المبتكرة الخلاقة في مختلف مستويات العمل لتحفيز جميع الموظفين للمساهمة الفاعلة في ممارسة عملية التطوير والابتكار بكل ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين، وكفاءة الحلول المتبعة، وتسهيل الإجراءات على نحو فعال يعزز من رضا وسعادة متلقي الخدمة.

لذا بدأت السلطنة تولي اهتماماً متزايداً خلال الأعوام الأخيرة بموضوع الابتكار، وتكريس ثقافة مفهومه، والبحث عن آليات ترسيخه وتطبيقه كعمل مؤسسي يفضي إلى تغيّر نمط التفكير والاهتمام بكل الأفكار التي يمكن أن تصبح مبادرات تتوافق مع الأهداف الوطنية، والجهود الحثيثة المبذولة من قبل الحكومة، وتضامناً مع الرؤية المستقبلية (عمُان 2040) لتمكين الجهات الحكومية للاستفادة من الثورة التقنية الرابعة سعياً لتحقيق الرفاهية والسعادة للمواطنين وتحقيق متطلبات وتوقعات المجتمع في الحصول على خدمات حكومية متطورة، وإحداث نقلة نوعية في أدائها.

فكان لا بد من التفكير لدعم وتفعيل وتطوير منظومة الاستراتيجية الوطنية للابتكار في مختلف مجالاته ومستوياته باعتباره من أهم العلوم الحديثة؛ ومن مقومات التنمية الشاملة المستدامة؛ كونه يستطيع الولوج إلى جميع العلوم الإنسانية بمختلف أنواعها ليشتمل على كافة جوانب الحياة الفردية والمؤسسية والمجتمعية على حد سواء، وعلى كافة جوانب التطوير البشري، والتنظيمي، والإداري، والمالي، والتقني، وإلى إحداث تغيرات نوعية على تطوير المنتجات والنظم الإدارية والمؤسسية السائدة أو إدخال أنماط جديدة عليها، فهو يغدو من المواضيع الحيوية المهمة في عالم اليوم الذي يكتظ بالمكتشفات، ويعج بالمخترعات وبالتسارع التقني والمعرفي.. فالعمل بطريقة ابتكارية له نتائج إيجابية متعددة.

وباعتبار الابتكار المؤسسي أحد مرتكزات التطوير الهامة التي تنشدها حكومة السلطنة، وجميع حكومات العالم، فالعمل بطريقة ابتكارية له نتائج إيجابية متعددة من حيث التطلع إلى جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين من الخدمة، وكفاءة الحلول المتبعة في تطوير نظم وأساليب العمل، وتبسيط الإجراءات لتحقيق الفعالية المطلوبة في تحسين استغلال واستثمار الموارد بشكل أفضل.. في سبيل تحقيق الريادة على المدى المنظور في مختلف جوانب حياة العمل المؤسسي.

وفي الختام صادق التمنيات وأخلص الدعوات لحكومتنا الرشيدة بدوام التقدم والازدهار في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه-.