خلفان الطوقي
كلمات ليست كالكلمات، هذا ما تضمنه الخطاب التاريخي والاستثنائي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق- أيده الله ونصره- يوم الأحد الماضي بتاريخ 23 فبراير 2020، خطاب إلهامي وتحفيزي وحضاري وعصري وعملي متسلسل استخدمت فيه لغة البساطة ليستوعبه الجميع والحاوي لخارطة طريق شاملة ومتكاملة واضحة المعالم، وفي السطور القادمة سيتم إثبات أنَّ هذا الخطاب السامي لجلالته يرسم خارطة طريق لحاضر ومستقبل عُمان، وأن المستقبل يبدأ اليوم ومن لحظة إطلاق شارة البدء من سلطان عُمان.
الخطاب ضمَّ مُفردات دقيقة وكل كلمة لها سبب في ذكرها، بدأها بالغاية؛ والغاية هي عُمان وأهل عُمان، أما بالنسبة للرؤية، فهي تطبيق مرئيات (رؤية عمان 2040) التي شارك فيها آلاف العمانيين وخاصة فئة الشباب ومن كل محافظات السلطنة بصياغتها ورسمها، واضعين فيها أحلامهم وتطلعاتهم، أما بالنسبة "للمسؤولية" أو من المسؤول عن تنفيذ هذه الرؤية، فتقع علينا جميعاً ذكورا وإناثا وكافة أبناء الوطن -دون استثناء- وتم دعوتهم "صراحة" إلى المشاركة الفاعلة في إكمال المسيرة الظافرة كل من موقعه وحسب إمكانياته.
أما بالنسبة للأهداف، فالأهداف الداخلية هي اقتصادية واجتماعية وثقافية، وتمَّ تحديد "الأدوات" بدقة مُتناهية لتحقيق هذه الأهداف وهي: الشباب وضرورة تمكينهم والاقتراب منهم وتلمس حاجاتهم، وتطوير التعليم بكافة مستوياته وأنواعه، ومزيدا من الاهتمام بالبحث العلمي والابتكار، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال "إجراءات" محددة ومركزة وهي: إعادة هيكلة الجهاز الإداري، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه، وتبني أحدث أساليبه، ومزيدا من تبسيط الإجراءات المتبعة، وحوكمة الأداء الحكومي والمحاسبة والنزاهة والمساءلة، وتستمر قائمة "الإجراءات" لأنها تضم تفاصيل خارطة الطريق ومنها: مراجعة أعمال الشركات الحكومية مراجعة شاملة، ودراسة آليات صنع القرار الحكومي، وتوجيه الموارد المالية التوجيه الأمثل يضمن هدفين اقتصاديين وهما: خفض المديونية وزيادة الدخل من خلال انتهاج إدارة كفؤة وفاعلة.
أما بالنسبة للنتائج الجوهرية المرجوة فهي أربع نتائج رئيسية وهي كالتالي: تحقيق التوازن المالي، وتعزيز خطط التنويع الاقتصادي، واستدامة الاقتصاد الوطني وتطوير الأنظمة والقوانين، أما بالنسبة لـ"النتائج الفرعية" فأهمها: تطوير لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وخاصة المعنية بمشاريع الابتكار والذكاء الاصطناعي، وتحديث منظومة التشغيل الحكومي، وتحقيق المبادئ والثوابت العليا للسلطنة في تطبيق النزاهة والعدالة ودولة القانون والمؤسسات ورفاهية وكرامة الأفراد الضامنة لحريتهم وحقوقهم.
أما بالنسبة لضمانات النجاح، فقد تعهد مولانا -حفظه الله- بمتابعته الشخصية وحرصه وتوفيره كل ما يُمكن ويقوي خارطة الطريق هذه، مع مطالبته للجميع بالمشاركة الفاعلة لأنَّ المسؤولية مشتركة وعامة بالجهد والفكر والتضحية بالغالي والنفيس، وأخيرا إعلاء المصلحة العُليا لعُمان وأهل عُمان على المصلحة الخاصة الفردية أو الأسرية أو القبلية الضيقة، أفعالا وتضحيات، وليس الاكتفاء بالأقوال والشعارات البراقة، إلا تلاحظون معي أنَّ الخطاب السامي عبارة عن "خارطة طريق" عملية سهلة وواضحة المعالم، وأن المستقبل يبدأ الآن، وما علينا إلا استيعاب مفردات الخطاب وتنفيذ محتوياته بكل أمانة وإخلاص كل من موقعه وحسب إمكانياته، لتكون عُمان وأهلها في "العلالي" كما يجب أن يكونوا.