الكويت.. شارع السلطان قابوس

 

 

يوسف عوض العازمي

 

"علاقتنا بالتاريخ علاقة تفاعل إيجابي مستمر" - قابوس بن سعيد في (18 نوفمبر 1974م).

تميَّزت دولة الكويت شعبًا وحكومةً بأعمال الخير، وأخذت لجان الخير الكويتية الشعبية والرسمية المراكز الأولى في الإحصائيات الدولية، ديدن الكويت وكأنها من يعطي بيساره ما لا تعلم يمينه، ومن أهم ما اشتهرت به أنها لا تمُن في عطاياها، فقد أعطاها الله وهي من عطايا الله أعطت، فقد جُبل هذا البلد الطيب وأهله الطيبيون على فعل الخير ونشر ثقافة العطاء بين أبناء هذه البلاد.

والكويت مثلما تعطي بلا مِنَّة؛ فهي لا تنسى من يقف معها وقت الشدة، وتتذكَّره دائما بما يحفظ ذكراه العطرة ليبقى اسمه إشارة وفاء وعرفان للأجيال القادمة.

وبعد الغزو العراقي الغاشم، وبعد الشدة التي واجهتها الكويت؛ لم تنسَ من وقف بجانبها وآزرها، وكبادرة وفاء رمزية؛ فقد تمت تسمية أحد أكبر شوارعها باسم المغفور له -بإذن الله- الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وبعده سُمِّي أحد أكبر الشوارع باسم المغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان، ثم سُمِّي أحد الشوارع الكبيرة باسم المغفور له -بإذن الله- الشيخ عيسى بن سلمان، واليوم تسعد هذه البلاد الطيبة بإطلاق اسم المغفور له -بإذن الله- السلطان قابوس بن سعيد على أحد الشوارع الدائرية الكبيرة بالبلاد؛ بناءً على أمر حضرة صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد -حفظه الله ورعاه.

سمعتُ ذات مرة من أحد الأحباب من دولة خليجية، يعترض على تذكر أهل الكويت دائما لوقفة أهل الخليج معهم أيام الغزو الغاشم: بأن ما حصل هو واجب وخلاص راح اللي راح!

بالطبع هو يتحدث من حُسن سجية، وطيب نفس، لكننا كبلد اشتهر أهله بأعمال الخير واللجان الخيرية، فإننا نعرف تماما ونقدر ماذا تعني الوقفة الخليجية التي لا تنسى مع الكويت وأهلها، ولا يمكن أن نتجاوزها بأي حال، وستبقى في الذاكرة الكويتية يزينها الفخر والاعتزاز؛ لذلك من الواجب تسجيل موقف رمزي (على الأقل) لتخليد ذكرى من وقفوا بالرجال والمال والسلاح لنصرة الكويت، وما اسم شارع إلا أقل القليل.

أتذكَّر وقت الغزو كان الخليج كله كويتيا، كان الكويتي يعتبر في دول الخليج الوفية وكأنه المواطن رقم واحد، قدم أهل الخليج نموذجا للتكافل والمؤازرة والوقفة الحقيقية، حتى عادت الكويت المحررة لأهلها بعد سبعة أشهر في حدث غير مسبوق في عصرنا الحديث.

عندما تُكرِم الكويت ذكرى السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- فهي تكرم عُمان، كان شعب عمان أيام الغزو كشعب الخليج كويتيا "حتى النخاع"، كان الكويتيون في عُمان يُعَاملون كمواطنين عمانيين، وليسوا لاجئين، كذلك تمَّ توفير سُبل الحياة الكريمة لهم، وبعد ذلك قيام الجيش العماني بالمشاركة الحقيقية في حرب تحرير الكويت، بقوات برية وجوية شاركت بفاعلية في حرب تحرير الكويت، حتى دخلت الكويت محررة.

ومن نافلة القول، أنَّ تعاضد ووحدة أهل الخليج أمر حقيقي، ولا يوجد بين أهل الخليج ما يعكر الصفو، ونحن في الكويت نعرف تماما قيمة الخليج وأهله؛ لذلك تحاول الكويت عبر سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد -حفظه الله- العمل المستمر لإيجاد وسيلة تعجل بمصالحة بين الأشقاء بالأزمة الخليجية المؤسفة؛ لأنَّ هذه الأزمة لا تصب في الصالح العام، ولابد من حل يحفظ حق الجميع، أنا كخليجي قبل أن أكون كويتيا "أوقن تمامًا" بأن أي أمر تتعرَّض له قطر أول من سيُساندها السعودية والإمارات والبحرين قبل الكويت وعُمان، المثل الخليجي يقول: "الظفر ما يطلع من اللحم".. والأخوة تبقى وتصمد مهما عملت السياسة!

قال تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" (آل عمران: الآية 103).