عندها سترى الوجود أجمل...!

 

د. مجدي العفيفي
alafifi56@gmail.com

(1)
قل لي من فضلك: مما تخاف؟! ولماذا تحزن؟! هل هذه هي نهاية العالم؟ إذا أصابتك أزمة فمعنى ذلك أنَّ ما قبلها كان «فرجًا» وما بعدها سيكون «انفراجًا» وهذا هو معنى أنَّ الحياة «لهو» شيء يلهي عن شيء فالصحة تلهي عن المرض، والفرح يغني عن الحزن، والراحة تلهي عن التعب.. وهكذا.
ومن فضلك قل لي: هل تتوقف حياتك.. ؟ هل تضع النقطة الأخيرة في سطر أيامك.. وتغلّق بابك.. وتحيط دارك بأسوارك.. وأوهامك تلتهم طموحاتك..؟ إنَّ الذهب لا يكون ذهبًا ولا يكون له البريق إلا بعد الحريق.. إلا إذا انصهر في درجة عالية من النار، بعدها يذهب بالعقول ويرعش الاستثمار.. ويصبح سره مثل سر الروح.. والناس معادن.!
أصقل مرآة قلبك.. لتنعكس عليها الأشياء فتنفعل لك الأشياء بلا هوى ولا فتنة..
ارفع «هوائي» نفسك.. لتلتقط أعلى الذبذبات.. فنحن في عصر الاتصالات.. والاتصالات الأخرى. اضبط أرقام ذاتك على موجات الوجود وموسيقى الكون.. تسمع وتبصر مالا تسمعه ومالا تبصره من قبل.. لا تشويش.. ولا تشويه.. ولا غلوشة.. بل هناك تشويق إلى عالم الماوراء.. وبعيدا عن حمق الحركة في الحياة.
كن جميلاً تر الوجود أجمل.. نعم يمكن أن تستبدل الكلمة الأخيرة في هذه العبارة بكلمة « أجمل» وتنتزع من قاموسك كلمتي الخوف والحزن، وهما المحوران الأساسيان لحركتك في الحياة .. ففي المسافة بينهما تكمن كل العواطف والعواصف والقواصف..!.
(2)
صدقني.. فما هذه الكلمات مجرد أقراص مهدئة أو حبوب مسكنة.. وإن كنَّا في عالم نحتاج فيه إلى كل المهدئات.. نتلمس فيه الصدق والبراءة في زمن عزَّ فيه الصدق والبراءة.
 لا أقول لك لا تكن متشائماً.. ولكن حاول أن تكون متفائلا وانظر إلى الكوب في يدك واجب هل «نصفه فارغ من الماء» أم «نصفه ملآن بالماء» صفه أنت.. أنت فقط من فضلك..
انظر إلى الوجود حولك.. هل تتوقف الشمس عن الشروق والدوران والغروب؟! هل يمتنع الهواء عليك فلا تتنفسه؟! هل الليل يمكن أن يكون سرمديا؟! هل النهار يستطيع أن يكون سرمديًا؟!
يا صديقي صدقني.. إنها ثنائيات الحياة.. لابد من الأزمة والانفراج معًا.. لابد من العسر واليسر.. الخير والشر.. المرارة والحلاوة.. العذاب والعذوبة.. الداء والدواء.. النور والظلام.. النجاح والفشل.. الصالح والطالح.. التعب والراحة.. السعادة والشقاء..
إنها ثنائيات وليست متضادات.. إنها متقابلات وليست متنافرات.. إنها التعادلية.. فلا تيأس ولا تقنط إن أصابك هم أو اجتاحتك هموم.. فالمهموم هو الإنسان الطبيعي في هذا الزمن لكن هل نستسلم ونسلم ونرفع الراية البيضاء؟ لن تقتلعك أية عاصفة هوجاء مهما كانت.. فجذورك ليست في الهواء.
(3)
رغم طغيان القبح حولك.. رغم جبروت القهر الذاتي والموضوعي.. رغم الذين يشدون المجتمع إلى الوراء ألف عام أو يزيد.. رغم الذين يبرعون في إحباط الناس.. ويبيعون لهم الأوهام.. ويخدرونهم ضد اليقظة والصحوة والنهضة والطلاقة والانطلاق.. ورغم ورغم.. قاوم بسلاح الجمال.. بالمعنى الكوني لهذه المقاومة.. قم وقاوم واستقم.. فالعود لا يستقيم والظل أعوج.. الذين يلوثون جماليات الحياة بثرثراتهم التي تصدعنا ليل نهار. تلك الحياة التي لا نريد أن نحياها لمجرد أن نبقى أحياء..!
أمن أجل أزمة- والأزمة عابرة لأنها «أزمة» وليست «لازمة».. تعتبر الآخر هو الجحيم، وهي الفكرة التي روج لها فيلسوف الوجودية سارتر وأغرق كثيرا من شباب العالم بهذه الأطروحة الوهمية وجاءنا تعبير شاعر كبير وفيلسوف حقيقي مثل إيليا أبو ماضي ليعلن:
أيّهذا الشّاكي وما بك داء
كن جميلا تر الوجود جميلا
وهو القائل أيضًا:
إن نفسا لم يشرق الحب فيها
هي نفس لم تدر ما معناها
أنا بالحب قد وصلت إلى نفسي
وبالحب قد عرفت الله....!!
(4)
من فضلك .. اسأل لحظات الانسجام مع الوجود.. ستراها .. ستعيشها.. ستستمتع..
حاول .. الحياة محاولة..
أليس كذلك..؟
(5)
رؤية ورؤيا....
- نبحث في جيوبنا عن أقل فئات النقود كي نتصدق بها، ثم نسأل الله أن يرزقنا الفردوس الأعلى، ما أقل عطايانا، وما أعظم مطلوبنا، خداع ... ومخادعة ... وأشياء أخرى!!.
- لو ضربت طفلاً ضربة خفيفة وأنت (توبّخه) لبكى .. ولو ضربته ضربة أقوى منها وأنت (تمازحه) لضحك… فـ (الألم المعنوي) أشد إيذاءً من (الألم الجسدي)
- لا اهتم كثيرًا بمن معي رائعاً في البداية، وإنما أهتم بمن سيبقى معي دائماً حتى النهاية، ففي البداية كلهم رائعون.
- لا تعتمد على أحد كثيراً في هذه الدنيا.. حتى ظلك يتخلى عنك في الظلام.
- يوجد في العالم ما يكفي كل إنسان، ولكن لا يوجد في العالم ما يكفي جشع إنسان واحد.
(6)
ثقافة الأسئلة:
- لماذا يحب أحدنا أن يأكل لحم أخيه ميتاً فلا نكرهه؟
- لماذا ننتظر حتى تلتهمنا السبع بقرات العجاف؟
- لماذا يريد بعضنا أن يحمد على شيء لم يقدمه؟

تعليق عبر الفيس بوك