عهدٌ جديد.. ومستقبل زاهر

 

طالب المقبالي

يتعاقب الحكام والسلاطين على عُمان وهي تمضي من مسيرة إلى أخرى، وتحقق الإنجازات تلو الإنجازات.

فمع تولي المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور- طيب الله ثراه- كانت عُمان بلداً يئن تحت وطأة الفقر والجهل والظلام. فلا مدارس سوى مدرسة واحدة وهي المدرسة السعيدية، ولا طرق سوى عشرة كيلومترات تمتد من مطرح إلى مسقط عبر الجبال، لا كهرباء ولا هاتف ولا شبكة مياه ولا إنترنت ولا منشآت رياضية.

أما بعد تولي جلالة السلطان الراحل- رحمه الله- فقد اهتم جلالته بالإنسان العُماني، فكان التعليم والصحة هما من أولويات اهتمامات جلالته، فعم التعليم جميع أرجاء عُمان، في المدينة والقرية، وكذلك كان الاهتمام موازياً بالاهتمام بالتعليم، وهو الاهتمام بصحة الإنسان العماني، فأنشئت المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف ربوع الوطن.

فلما كان الاهتمام بالإنسان العماني من أولويات جلالته رحمه الله، فقط كان الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة، فأنشئت المراكز التأهيلية، وتم توفير كافة الاحتياجات للأشخاص ذوي الإعاقة.

وبما أنَّ الإنسان العماني كان يعتمد على الزراعة فقد أولت حكومة جلالته -رحمه الله- في إعطاء هذا الجانب جل الاهتمام، فصدرت الأوامر السامية للجهات المعنية للاهتمام بالزراعة وبالأفلاج وصيانتها وتسجيلها في المنظمات الدولية والتي بدأت بتسجيل خمسة أفلاج من أهم أفلاج السلطنة ضمن لائحة التراث العالمي وذلك في يوليو من عام 2006 حيث أقرت لجنة التراث العالمي إدراج خمسة أفلاج عُمانية ضمن لائحة التراث العالمي تعبيراً عن المكانة الدولية لهذا النظام المائي الفريد الذي يشكل موروثاً حضارياً أبدعه العمانيون منذ ما يزيد عن ألفي عام كأقدم هندسة ري بالمنطقة، وشملت فلج دارس وفلج الخطمين وفلج الملكي وفلج الميسر وفلج الجيلة.

ومن ضمن الاهتمام بهذا الجانب جاءت الأوامر السامية بزراعة ميلون نخلة في عدد من محافظات السلطنة.

وليس ببعيد عن هذا الجانب، فإنَّ الاهتمام بالثروة السمكية كان كبيراً من أجل تنويع مصادر الدخل في البلاد.

فجلالته رحمه الله يبني عُمان الحاضر والمستقبل، فنظرة جلالته رحمه الله ليس على الحاضر الذي يعيشه، وإنما هيأ عُمان للمستقبل بدليل حرص جلالته على وضع الرؤية المستقبلية «عمان 2040» وهو يدرك أنه قد لا يشهدها بنفسه، وإنما هي لعُمان ولأجيال المستقبل.

وقد حرص جلالته رحمه الله على المشاركة المجتمعية، خاصة فئة الشباب في كافة مراحل إعداد الرؤية 2040 وحتى الوثيقة النهائية.

ومن هنا تتجلى النظرة المستقبلية لجلالته رحمة الله عليه في وضع الأمانة في اليد التي يراها أمينة لهذا الوطن، حين عيَّن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق حفظه الله ليكون رئيساً للجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية «عُمان 2040».

فجلالته يدرك تماماً أنَّ السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- هو من سيحمل أمانة عُمان وشعبها من بعده، فكانت الرسالة الأولى التي لم ندركها سوى الآن.

وهنا أستذكر قول جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه حين قال: " نحن لا نخطو إلا بعد دراسة عميقة وقناعة تامة.. وحين نمارس العمل فإننا نراقب ونرى النتائج" وها هي النتائج قد تحققت جميعها، وكان ختامها ما جاء في الوصية التي تركها جلالته رحمه الله.

وبالعودة إلى الرؤية المستقبلية «عمان 2040» التي نحن بصددها الآن أستحضر تلك المقولة التي قالها جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله التي قال فيها: "إنَّ الإنسان العماني هو الأساس في كافة محاور الرؤية 2040 وله دور كبير في المساهمة في بناء مجتمعه ووطنه، مشيداً بالإنجازات التي وصل إليها الشباب العماني لتكون استكمالاً لمسيرة الإنسان العماني الذي وصفه بأنه منفتح ومحب للمثابرة منذ القدم، ودعا جلالته الشباب للسعي نحو اكتساب الخبرات والمهارات المطلوبة بسوق العمل، إذ من شأن ذلك أن يصب بالإيجاب على عمل الفرد وتطوير أدائه بما يخدم جهة عمله موضحًا سموه أن الإنسان هو عماد التنمية".

جاء ذلك خلال لقاء جلالته مع مجموعة من الشباب من مختلف القطاعات في جلسة حوارية في ختام «منصة شباب» المصاحبة للمؤتمر الوطني للرؤية المستقبلية عُمان 2040.