ترشيد الإنفاق وإعادة ترتيب الأولويات بما ينسجم مع الموارد المالية المتاحة

"موازنة 2020" تستهدف الحفاظ على المستوى النزولي للعجز بمواصلة إجراءات الضبط المالي

...
...
...
...
...
...

◄ استمرار التحوط في احتساب سعر النفط لتقدير الإيرادات النفطية

◄ مطالب بتركيز الوزارات على مزيد من العمل لترشيد الإنفاق

◄ تغيير السلوك الاستهلاكي للمواطنين يدعم الاتجاه العام للترشيد

◄ سحب مبالغ من صندوق الاحتياطي العام للدولة لسد العجز جزئيا

 

 

الرؤية - فايزة الكلبانية

 

كشفت الموازنة العامة للدولة لعام 2020 عن عدد من الركائز التي تتضمن الحفاظ على المستوى النزولي للعجز السنوي للموازنة عبر الاستمرار في إجراءات الضبط المالي، وعدم افتراض أية توسعات أو نمو في المصروفات الجارية للجهات الحكومية وتأكيد ضرورة تطبيق إجراءات ترشيد الإنفاق وإعادة ترتيب الأولويات بما ينسجم مع الموارد المالية المتاحة، والحد من ارتفاع حجم الدين العام وعدم تجاوز السقف المحدد من قبل مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة، واستمرار التحوط في احتساب سعر النفط لتقدير الإيرادات النفطية، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص وتعزيز دوره.

 

وعقد مركز التواصل الحكومي جلسة إعلاميّة، أول أمس، لعرض الموازنة العامة للدولة لعام 2020 بالتعاون مع وزارة المالية والمجلس الأعلى للتخطيط ووزارة الإعلام، مع بداية دخول الموازنة العامة للدولة حيز التنفيذ أمس؛ بصدور المرسوم السلطاني رقم (1/2020).

 

وتخلل الجلسة الإعلامية عرضا قدمه خالد البوسعيدي المتحدث باسم مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة. وتلا ذلك جلسة نقاشية تحدث فيها كلٌ من المهندس محمد بن أبوبكر الغساني نائب رئيس مجلس الشورى السابق والدكتور طلال العولقي عضو الجمعية الاقتصادية العمانية وأدار الجلسة الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد كشوب.

 

وقال البوسعيدي إنّ الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الاستدامة المالية في الموازنة العام للدولة للعام2020 تكمن في السيطرة على العجز ورفع التصنيف الائتماني للسلطنة وتنمية الإيرادات غير النفطية، وتعزيز أداء المؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة، ومراجعة الدعم الحكومي، كما تشمل رفع كفاءة الانفاق العام وترتيب أولوياته، وإسناد عدد من المشاريع والخدمات للقطاع الخاص، ومراقبة أثر تطور الدين العام، بالإضافة إلى الاستمرار في تنفيذ مراحل التحويل لموازنة البرامج والأداء، ومواصلة تقديم الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أنّ الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لتحفيز الاقتصاد الوطني تأتي من خلال الحفاظ على مستوى الانفاق الاستثماري، واستكمال مشروعات البنية الأساسية، وتعزيز استثمارات الشركات الحكومية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، ودعم مشاريع تعزيز التنويع الاقتصادي، والمحافظة على المنجزات التنموية في القطاعات المختلفة بالإضافة إلى تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية، وأولوية تنفيذ المشروعات الضرورية التي تخدم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، واستكمال التحول الإلكتروني.

 

وأشار البوسعيدي إلى أنّ تقديرات النمو في الناتج المحلي الإجمالي 3% بينما تم احتساب متوسط سعر 58 دولاراً للبرميل، بمتوسط إنتاج يومي بنحو 970 ألف برميل يومياً، وتم الأخذ عند تقدير الإيرادات عدداً من الاعتبارات لميزانية عام 2020 منها المحصل الفعلي لعامي "2018 ـ 2019" والإيرادات المتوقع تحصيلها خلال عام 2020 مع الأخذ في الاعتبار التطور الذي طرأ على الإيرادات، والافتراضات التي قدمتها الوزارات والوحدات الحكومية كأساس لتقدير إيراداتها لعام 2020، وإضافة نسبة نمو 3% بالإضافة إلى احتساب الأثر المالي للإجراءات المقدر البدء بتطبيقها خلال عام 2020 مثل "توحيد رسوم البلديات، تعديل بعض رسوم وزارات الصحة والقوى العاملة والزراعة والثروة السمكية".

 

 

47% للرواتب والبدلات

 

 

وأضاف المتحدث باسم مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة: أنّ الرواتب والبدلات والمستحقات الأخرى تشكل ما نسبته 47% من إجمالي الإنفاق العام البالغ 13.2 مليار ريال عماني في موازنة العام الجاري، ويشكل الإنفاق في الخدمات الاجتماعية الأساسية "الصحة ـ التعليم ـ الإسكان ـ الضمان والرعاية الاجتماعية" النسبة الأكبر من إجمالي الإنفاق العام حيث يبلغ 40%.. مضيفاً: أنّ هناك مشاريع ممولة من خارج إطار الموازنة العامة للدولة والتي تشمل مشاريع الإنتاج الغذائي، والمصافي والصناعات البتروكيمياوية كمصفاة الدقم ومجمع لوى للصناعات البلاستيكية، ومشاريع سياحية، وخدمات لوجستية، بالإضافة إلى مشاريع خدمات البيئة والكهرباء.

 

وأكد البوسعيدي أنّ الحكومة تركز في تشغيل القوى العاملة الوطنية في الدفع بالمشروعات الاستثمارية المولدة لفرص العمل، وفرص عمل في المشاريع التي ينفذها القطاع الخاص، وفرص عمل التي تنفذها الشركات الحكوميّة، والتدريب المقرون بالتشغيل، وبلغ إجمالي فرص العمل في المشاريع الممولة من صندوق الرفد 2220 فرصة بنحو 4132 مشروعاً حتى العام المنصرم 2019، بينما قامت الهيئة العامة للشراكة والتخصيص بتدريب 4111 عمانياً حتى عام 2019 وتوفير400  فرصة عمل في المشاريع الممولة من الهيئة، فيما بلغ عدد المستفيدين من ريادة نحو 1305عمانيين بالإضافة إلى إقامة الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 70 برنامج تدريب وتأهيل، ووفر مركز الابتكار الصناعي 364 فرص تدريب، وبلغ إجمالي المبالغ المعتمدة للقروض من قبل صندوق الرفد أكثر من 96.7 مليون ريال عماني، وبلغ عدد المستفيدين من الأراضي الممنوحة بحق الانتفاع في عام 2019 نحو 157 في 6 محافظات، واعتماد بنك التنمية العماني 73 مليون ريال عماني لدعم الشركات في العام المنصرم.

 

وحول كيفية تعامل الحكومة مع الأزمة الاقتصادية قال المتحدث باسم مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة إن الحكومة اتخذت قرارات وإجراءات لتحييد التأثير المباشر على المواطن، واستخدام أدوات تمويل العجز بينها السحب من الاحتياطيات والاقتراض، هذه الإجراءات تؤدي إلى خفض هامش المرونة المالية للدولة للتعامل مع الأزمة المالية، وتخطط الحكومة لمواجهة التحديات عبر تكثيف جهود التنويع الاقتصادي، وتخصيص بعض الشركات الحكومية، ومراجعة وترشيد الدعم الحكومي، وخلق بيئة استثمارية محفزة وجاذبة لاستثمارات القطاع الخاص، ومراجعة وتخفيض الإنفاق العام وخاصة الانفاق الجاري، وإسناد بعض الأعمال التي تقوم بها الحكومة حالياً إلى شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وتعزيز الإيرادات غير النفطية وتوسيع قاعدة الضرائب والرسوم، وتشجيع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص.

 

 

توقعات نمو بطيئة

 

 

وأشار البوسعيدي إلى أنّ توقعات النمو الاقتصادي العالمي تشير إلى نمو بوتيرة بطيئة نتيجة الخلافات التجارية بين الاقتصادات الكبرى "الولايات المتحدة والصين" وتصاعد مستوى المديونيات، وبيّنت توقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأمم والمتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية متوسط نمو فوق 3% خلال العام الجاري، هذا النمو العالمي لا يمنح الأفق العالي للنمو الاقتصادي في السنوات القادمة وخاصة خلال العام الجاري 2020 للسلطنة، ولذلك لا يزال النمو بطيئاً يؤثر على اقتصاداتنا وخاصة الدول المصدرة للنفط، بينما تشير توقعات النمو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إذ توقع صندوق النفط الدولي والبنك الدولي أنّ النمو في هذه المنطقة يبلغ أقل من 3% عام 2019 و2020 وهذا مؤشر يجب أن يضع في الحسبان عند تقديرات النمو المحلي أو نمو الأسعار العالمية أو الطلب على السلع بالإضافة إلى مؤشر سعر السلع سواء كان مؤشر سلع الطاقة أو مؤشرات سلع أخرى.

 

وأشار المتحدث باسم مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة إلى أنّ توقعات المؤسسات الدولي تجاه أسعار النفط "خام برنت" تقدر بين 60 ـ 66 دولاراً للبرميل بحسب المنظمات الدولية وهذا هو متوسط أسعار النفط خلال عام 2020، إذ تشير توقعات بعض المؤسسات الدولية إلى سعر 45 دولارا وبعضها لنحو 80 دولارا للبرميل.. مشيراً إلى أنّ مؤشرت نمو الاقتصاد الوطني خلال الفترة "2015 ـ 2020" قد يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى تقديرات المجلس الأعلى للتخطيط 2.4% بالأسعار الثابتة وقد يحقق 2.3% بالأسعار الثابتة خلال العام الجاري 2020، ونستهدف في الموازنة تحقيق نمو بين 2 ـ 3% خلال عام 2020.

 

وقال البوسعيدي إنّ مساهمة القطاعات الاقتصادية غير النفطية بالأسعار الثابتة هي التي تدعم النمو في السلطنة خلال السنوات الماضية من 2014 إذ بلغ 4.4% وارتفع إلى 5.5% عام 2015 وانخفض تدريجياً مع تراجع أسعار النفط خلال السنوات التي تلت عام 2015 ولكن نتوقع نمو مساهمة قطاعات التنويع الاقتصادي في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020 أن يبلغ 3.4%، مؤكداً أنّ عوامل نمو الناتج المحلي الإجمالي تكمن في تأثر أسعار النفط نتيجة السيطرة على الفائض من المعروض النفطي من قبل منظمة أوبك ومنتجين آخرين، وتحسن بيئة الأعمال وتشجيع استثمارات القطاع الخاص الذي يدفع نمو القطاعات الخمسة المعززة للتنويع الاقتصادي في الخطة الخمسية الحالية وهي الصناعات التحويلية والسياحة والخدمات اللوجستية والتعدين والثروة السمكية.

 

وأضاف المتحدث باسم مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة: أنّ الصادرات النفطية بلغت في عام 2014 ما نسبته 65.5% من إجمالي الصادرات للسلطنة وحوالي 34.5% من الصادرات غير نفطية في ذات العام، وهذه النسب تزيد وتنقص بنسب بسيطة خلال السنوات التي تلت عام 2014 حتى عام 2019، ورغم انخفاض الميزان التجاري للسلطنة إلا أنّه خلال السنوات الثلاث الماضية بدأت بالتعافي ولكن ليس كافياً لمؤشر الميزان التجاري، أمّا بالنسبة للتضخم فقد بلغ عام 2018 في حدود 0.9% وفي العام المنصرم 2019 نحو 0.2% ورغم أنّ التضخم منخفض إلا أنّه ليس مؤشراً إيجابياً لأنّ الاقتصاد الذي ينمو بطريقة جيدة يجب أن يكون مؤشر التضخم أكثر من 1% لكن يعتمد على حجم الاقتصادات، مؤكداً أنّ الأداء والنتائج المتوقعة لموازنة عام 2019 تكمن في تحقيق متوسط سعر النفط لعام 2019 نحو 65 دولارا للبرميل، وزيادة إيرادات الغاز بنحو 140 مليون ريال عماني، وارتفاع الإنفاق الفعلي العام بنحو 1.1 مليار ريال عماني، وتحقيق عجز نحو 2.6 مليار ريال عماني مقارنة بالعجز المعتمد في الميزانية البالغ 2.8 مليار ريال عماني، بالإضافة إلى زيادة إيرادات النفط بنحو 825 مليون ريال عماني عن الميزانية المعتمدة لعام 2019، وزيادة الإيرادات الفعلية غير النفطية بحوالي 335 مليون ريال عماني، ويتوقع أن تبلغ زيادة الإيرادات بنحو 1.3 مليار ريال عماني لتصل إلى 11.4 مقارنة بـ10.1 مليار ريال عماني المعتمدة.

 

وأكد البوسعيدي أنّ المعتمد في ميزانية عام 2019 تحقيق إيرادات بنحو 12.9 مليار ريال عماني والمتوقع أن ترتفع لـ 13.7 مليار ريال عماني وهذه أرقام تقديرية حتى الآن إذ نعمل على الحساب الختامي الذي يتوقع صدوره في أبريل المقبل، وكان من المتوقع أن يبلغ العجز 2.8 مليار ريال عماني ويتوقع أن يتراجع إلى 2.6 مليار ريال عماني. مشيراً إلى أنّ التطوّر في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة من 2014 إلى 2019 نلحظ أنّ الإيرادات والإنفاق في عام 2014 كان الأعلى وبلغ الإنفاق في حدود 15 مليار ريال عماني والإيرادات في 14.1 مليار ريال عماني، ومع انخفاض أسعار النفط المتسارع بدأت تزيد المديونية العامة للسلطنة ففي عام 2014 بلغت 1.1 مليار ريال عماني والمتوقع أن تبلغ لعام 2019 نحو 2.6 مليار ريال عماني وهذا يعزز الإجراءات المالية التي تسعى الحكومة منها إلى تحقيق الاستدامة المالية مع أنّها لا تكفي في ظل تحقيق عجز موازنة سنوي مرتفع.

 

وأضاف المتحدث باسم مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة: أنّ هيكل الإيرادات العامة إذ بلغت الإيرادات النفطية 68% وغير النفطية 32% عام 2016 وفي عام 2019 بلغت 74% هي إيرادات نفطية و26% إيرادات غير نفطية، وهذا النسب على أسعار النفط في الأسواق العالمية.. مضيفاً: أنّ الإنفاق في الخدمات الاجتماعية الأساسية النسبة الأكبر من إجمالي الإنفاق العام والتي تتضمن الصحة والتعليم والإسكان والضمان والرعاية الاجتماعية إذ بلغ عام 2016 ما نسبته 32% وقد وصلت عام 2019 إلى ما نسبته 32.

 

وقال البوسعيدي إنّ العجز التراكمي بلغ عام 2014 نحو 1.1 مليار ريال عماني مع زيادة العجز السنوي وصلنا إلى بلوغ العجز التراكمي 20.4 مليار ريال عماني عام 2019 وهذه نسبة عالية من العجز التراكمي، بينما ارتفع الدين العام إلى 16.5 مليار ريال عماني إذ يشكل الاقتراض الخارجي ما نسبته 77% من إجمالي الدين العام، فيما 23% من الاقتراض المحلي، والفرق ما بين الدين العام والعجز التراكمي هو أنّ جزءًا منه هو السحب من الاحتياطيات لأنّ السلطنة كانت خلال السنوات الماضية تسحب من الاحتياطيات، أمّا بالنسبة للتصنيف الائتماني منذ 2014 إلى الآن فساعدت على انخفاض التصنيف الائتماني للسلطنة وهذا يعزز من عدم استقرار الاستدامة المالية إذا ما استمرت معدلات العجز الحالية.

 

 

جلسة نقاشية

 

وفي الجلسة النقاشية؛ قال المهندس محمد بن أبوبكر الغساني  نائب رئيس مجلس الشورى السابق: ليس هناك فريقان، فريق حكومة أو قطاع خاص أو رأي عام أو مواطن، جميعنا تهمنا البلد ومعيشة المواطن، لذلك يجب تنقيح الآراء لنخرج بحصيلة من النتائج لمعالجة ما نواجههه من تحديات، فجميعنا يتأثر بما يثار عبر وسائل التواصل الحكومي والهجوم على بعضنا البعض لأي طرح يطرح، فكان من الأولى الزيادة في الدخل إلى مليار وثلاثمائة مليون ذهبت في الإنفاق الزائد، وكان الأولى أن نسدد بها الديون، فالشركات مرّت منذ 2016 وحتى اليوم في موازنة 2020 بأزمات وتعمل على "قصقصة ميزانيتها" لخفض المصاريف، حتى لا تضطر لأن تدخل في النقطة المحظورة وهي "خفض الرواتب" لضغط المصاريف في ظل عدم تحقيق أرباح، لذلك عملنا على تخفيض الإنفاق وضغط المصاريف، وهذا ما يقوم به أيضا فريق العمل في الجهات المختصة لترشيد الإنفاق وخفض المصاريف للحفاظ على التوازن، ونرغب اليوم من الوزارات أن تعمل على ترشيد أكبر في الإنفاق، حتى يجري التحكم في الدين العام والمصاريف دون المساس بحياة المواطن والحفاظ على الرواتب بوضعها الحالي، حيث يكمن التحدي في ضبط الإنفاق الاستهلاكي دون الحاجه لأي اقتراض جديد من الجهات الدولية.

 

ومن جانبه قال الدكتور طلال العولقي عضو الجمعية الاقتصادية العمانية: أتفهم حالة القلق والتوتر، لكن إذا كان القلق سيدفعنا لإيجاد حلول مناسبة فهو إيجابي، أما لو كان يقودنا للإحباط فإنه قلق سلبي، فقد مر الاقتصاد العالمي بظروف من الكساد الحقيقي قديما وكان الإنسان في ذاك الزمان لا يجد قوت يومه، كما أن الفساد والوفرة جزء من سنن الحياة، لكن لابد أن نتعامل كمواطنين مع الكساد لتغيير السلوك الاستهلاكي، فالعجز وصل إلى رقم مقلق، لكن لدينا في المقابل وفرة من المقومات الاقتصادية التي نعمل من خلالها على مواجهة هذا العجز، كالاهتمام بالقطاعات الواعدة لتنويع مصادر الدخل؛ ومنها القطاعات السياحية والتعدينية والثروة السمكية إلى جانب اللوجستية والصناعات التحويلية.

 

وأضاف العولقي: تأتي الصناديق الاحتياطية حول العالم لتنافس وتحاور وتكون شريكا في هذا التطوير، ومسألة أن يكون هناك مطور واحد متمثل في القطاع الحكومي قد انتهت، فلا يمكن الاعتماد على مصدر واحد للإيرادات والتطوير، فالشراكات العالمية مسلك حقيقي متبع حول العالم، ونحن مجتمع يملك مهارات، والكادر البشري العماني ذو كفاءة، وكثير من الشركات اليوم قامت بسواعد شباب عماني.

 

ومن جانبه قال خالد البوسعيدي إنّ ضبط الإنفاق ليس من خلال خفض الإنفاق السنوي فقط، بالرغم من أنّه خلال الفترة من 2015-2016 كان الإنفاق في حدود 15 مليار ريال عماني، واستطعنا تخفيضه إلى 13 مليار ريال عماني، وارتفع قليلا هذا العام. وبالرغم من ذلك فإنّ الزيادة في الإنفاق والمصروفات جاءت لخدمة الدين العام، والذي لم يكن موجودا قبل عام 2014 إلا في حدود 30-40 مليون ريال عماني، واليوم تعدى ذلك لأكثر من نصف مليار لخدمة الدين العام، وفي 2018 بلغت خدمة الدين العام ما يقارب 630 مليون ريال عماني، وارتفع في 2019 في حدود ثمانمائة مليون ريال عماني، وفي عام 2020 سيكون أعلى، ومن المتوقع أن يتراوح بين 830-850 مليون ريال عمان. ويبقى أهم بندين في زيادة الإنفاق الحكومي: الدعم وخدمة الدين العام، رغم أعمال الحكومة لتخفيض الإنفاق إلا أنّها لازالت غير قادرة على ذلك، في ظل الإنفاق الجاري في وزارتي الصحة والتربية والتعليم، حيث لم يتوقف التعيين فيهما كونهما جهات خدمية.

 

وفيما يتعلق بدعم قطاع الكهرباء خلال السنوات الماضية، أوضح البوسعيدي أنّ المعتمد في موازنة 2020 أكثر من 500 مليون ريال عماني، ومتوقع أكثر من ذلك، ونضع هذا الرقم لعدة أسباب، أهمهما مراجعة الدعم المقدم للشركات ومراجعة دعم قطاع الكهرباء، مشيرًا إلى أن نسبة الدين العام المتوقعة هذا العام في حدود 50% من الناتج المحلي، والسنة القادمة متوقع أن تكون في ذات الحدود لأننا نحتسب الناتج المحلي المتوقع العام ضمن التقديرات المتوقعة 32 مليار ريال عماني، لهذا تظل النسبة في نفس الحدود 50%.

 

وأشار البوسعيدي إلى أنّ نسبة التغيير لأصول الشركات الحكومية في 2018، بلغت حدود 21 مليار و300 مليون ريال عماني، وفي 2017 كانت في حدود 18,8 مليون ريال عماني، وهنا يظهر الفرق، حيث ارتفعت قيمة أصول الشركات الحكومية بين 2018 و2017 بنسبة 13%، وفقا للقيمة الدفترية.

 

وأكد البوسعيدي أنّ السلطنة تسحب جزءًا من المبالغ في الصندوق الاحتياطي العام للدولة لسداد جزء من العجز، لكن الأرباح التي يحققها الصندوق خلال السنوات الماضية من تأسيسه تبلغ معدل7% كأرباح سنوية، وهي معدلات ممتازة مقارنة بالصناديق الاستثمارية الأخرى، ونؤكد أنّ الصندوق الاحتياطي لا يزال يمتلك احتياطيات كافية للسلطنة.

 

وحول نصيب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من إنفاق الموازنة، قال البوسعيدي إنّ هناك قرارا ملزما للشركات المُنفذة للمشاريع الكبيرة بتخصيص نسبة لا تقل عن 10% من قيمة المناقصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويجب على مجلس إدارة ريادة متابعة آليات التنفيذ مع مجلس المناقصات، لوجود منشور مالي من وزارة المالية يؤكد ضرورة التزام كل الوحدات بهذه النسبة؛ بالتنسيق مع مجلس المناقصات.

تعليق عبر الفيس بوك