الهدف المُنجَز

 

 

د. شريفة بنت علي القاسمية *

من قراءاتي لمنجزات اليوبيل الذهبي وجدتُ ما تشرئبُ به عُنُقي عاليًا لتناول مادة فريدة من نوعها؛ استدلالاً بالإحصائيات التي جاد بها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات كجهه رسمية تنسيقية، إحدى مسؤولياتها إعداد التقارير الوطنية التي تتابع تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وما تبرزه من تقييم شامل للتقدم المحرز منذ انطلاقتها تحت مسمى الأهداف الإنمائية للألفية في 2000. فهذه التقارير ظهرت للنور متزامنة مع الحراك في تحقيق أهدافها مع إستراتيجية السلطنة ذات الخطى الثابتة، ورؤيتها 2040. وبصفتها موجهات مهمة نستشرف بها مستقبلًا رسمه لنا قائد الحكمة لكي نستديم؛ فإنها بحجم الكون تزخر بالكثير من الأرقام.

فالوصُول إلى مرحلة مكَّنتنا من أن نكون في مصاف الدول المتقدمة إثر ما أظهرته نتائج الدراسات والمسوحات والبرامج التنموية التي تشير بالبنان إلى أنَّ السلطنة لا تنطبق عليها مؤشرات الفقر، وأنها تجاوزت خطه في وثبتها العالية لتتجاوز هذه المرحلة بأشواط محسوبة الركلات، لهو مدعاة للتمحيص في عظيم الجهود التي أقيمت لتحقيق هذا المستوى؛ حيث إنَّ تخطِّي خط الفقر المحوسب من قبل البنك الدولي بقوة شرائية تتناسب مع تركيبة أي مجتمع تنموي تصل إلى 1.9 دولار يوميًّا للفرد الواحد في اليوم الواحد، جاء مُسفِراً عن إنجاز مهم بالنسبة للسلطنة كنتيجة لاتخاذ منظومة متكاملة من الحماية الاجتماعية لتحسين مستوى المعيشة، خاصة للفئات الأكثر احتياجاً. وتفوَّقت إستراتيجية العمل الاجتماعي المرتكزة على الاندماج والإنصاف والتمكين لتدفع بهذه المنظومة وتعمِّق فاعليتها وتأثيرها لدرجة أنَّ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي صنَّف تنميتنا البشرية بالمرتفعة جدًّا لتتصدر عُمان أعلى القائمة عالميًّا وعربيًّا.

وتمهيداً لما ستأتي الإشارة إليه؛ فإننا على موعد لطرح كيف حققت السلطنة وعدها بالقضاء على الفقر والجوع في هدفيها الأول والثاني، تحت ركنٍ مهم يمس سكان العالم بأسره. وللتوضيح؛ فإن الفقر أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، ويعتبر الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والعلاج والخدمات الأساسية لمستوى أقل من حد الكفاف هو الوجه الآخر لعملة الفقر. وسأترك لمخيلتكم الرحبة التحليق في سماء عمان الرحبة لكي تدلي بأجودها في استنباط واستدلال ما نحن بصدده.

فالإحصائيات، وبشكل لا خلاف فيه، تفسِّر نفسها؛ فقد جاءت كشاهد عيان لآخر التطورات للعام 2018م متحدثةً عن خصائص المساكن للأسر العمانية كنوع المسكن ومادة بنائه، وتشير إلى أنَّ 58.6% من العمانيين يمتلكون فيلا، بينما 35.9 ما زالوا يعيشون في مسكن عربي و4% في شقق، وأن 80% من البيوت والمساكن يتم بناؤها باستخدام الأسمنت والمسلح للأسقف، و96.4% تستخدم الطابوق للجدران، و77.2% تستخدم السيراميك للأرضيات. وفيما يتعلَّق بحيازة المسكن ومدة الإقامة فإن 87.4% من الأسر العمانية تمتلك مساكنها، بينما تعيش 2.11% منها في مسكن مُؤجر، وبلغ عدد غرف المسكن للأسر العمانية 5.6 غرفة وبمتوسط 1.4 فرد بالغرفة الواحدة. وفي إشارة للمصدر الرئيسي للمياه، فإنَّ 44% من الأسر العمانية تعتمد على المياه المعبأة لأغراض الشرب، بينما تعتمد 32% منها على شبكات المياه؛ بخلاف المصادر الأخرى. و4 من كل 5 أسر عمانية تستخدم الحفر الامتصاصية للصرف الصحي، وأسرة واحدة تستخدم الشبكات العامة. وفي نطاق 5 كم يوجد للأسرة 89% شارعا معبَّدا، و90% مدرسة حكومية، 82% مستشفى أو مركزا صحيا. ولمحدودية المجال، فإننا لا نستطيع الاستفاضة نحو تضمين العديد من الإحصائيات، ولكن يمكن للقارئ الرجوع للإصدارات؛ فهي تزخر بالكثير بما لا يترك مجالاً للتأويل.

وعلى اعتبار أنَّ تخطي مرحلة الإنجاز هو المشهد الحي للذاكرة العمانية في يوبيلها الذهبي؛ فيمكن اعتبار أن مرحلة التقييم والمراجعة والتدقيق هي المعول الذي تقوم به الجهات ذات المسؤولية لضمان استمرارية ومتابعة تطبيق المبادرات التالية: "النظام الموحد لمد الحماية التأمينية" و"الإستراتيجية الشاملة للأمن الغذائي 2020-2040" و"إستراتيجية الزراعة المستدامة والتنمية الريفية 2040"؛ كونها تتوازى خطيًّا مع غايات كل هدف.

 

* خبيرة بحوث ودراسات