"كريسماس في مكة" و"بلاد تركب العنكبوت" و"زوجتي من الجن".. أبرز روايات 2019

...
...
...
...
...
...
...

 

 

شهد العام 2019 ميلاد عدد من الروايات العربية، تنوعت أساليب السرد فيها بين الفانتازيا والواقعية الاجتماعية وتيار الوعي، وربما اتخذت منحى الرومانسية أحايين أخرى.. "الرؤية" حاولت تسليط الضوء على أبرز روايات العام وخرجت بالحصيلة الآتية..

أعدها للنشر- محمد علي العوض

 

في يناير من العام 2019 ميلادية استقبلت مكتبة الرواية العربية رواية "داو إلا قليلا" للكاتبة المصرية دعاء عبد الرحمن، ولتصبح الرواية السادسة لها بعد رواية "ولا في الأحلام" و"إيماجو" و"قالت لي" و"اكتشفت زوجي ولكن في الأتوبيس" ورواية "مع وقف التنفيذ".

وصاغت روايتها الأخيرة "داو إلا قليلا" في قالب اجتماعي ديني، فالأحداث تدور في بلدة "داو"، والتي برغم أنها تعيش عصر ما بعد الحداثة حيث الهواتف وإنترنت الأشياء والروبوت إلا أن سكانها ما زالت حياتهم تدور في فلك طلاسم السحر وشعوذات الأسياد، وتحاول الكاتبة تبيين هذ المفارقة والقول إنّ الناس على جهلهم لا يحتاجون إلى وسيط بينهم وبين ربهم، فالطريق مع الخالق مباشر ومستقيم.

أمّا رواية "بلاد تركب العنكبوت" لمنى سلامة فتمثل صرخة مدوّية ودعوة صريحة لعدم رهن حياتنا ووقتنا للشبكة العنكبوتية (شبكة العنكبوت) أو العالم الافتراضي الإسفيري.. وبرغم أنّ الرواية جاءت وفق أسلوب الفانتازيا السحرية إلا أنّها تقول بوضوح أن ما كسبناه من تكنولوجيا واختراعات خسرنا أضعافا منه في قيم النبل والإنسانية والمحبة والبساطة.

ويبدو أنّ الجدل الذي أثاره المصري أحمد خالد مصطفى في رواية "أنتيخريستوس" في عام 2015 بتناوله لتابو "الدين" لم يتوافر في روايته "ملائك نصيبين" الصادرة عام 2019 علمًا بأنّ المؤلف وكعادته دوما عمد في "ملائك نصيبين" إلى توظيف التاريخ والدين والخيال والحقائق، حيث كان الجن الذين يبحثون عن النبي المنتظر هم الشخصية التي تحرك أحداث الرواية.

تبدأ الرواية من قصة أصحاب الأخدود ومرورا بمملكة سبأ وغيرها وصولا إلى بعثة الرسول الكريم وعهد التابعين.. الرواية رحلة في عالم الجن وبحث دائم عن الحقيقة كما فعلت شخصية "عمرو بن جابر" والذي كان يتوق إلى رؤية وظهور علامات السماء. والرواية تتناص دينياً مع سورة الجن الواردة في القرآن الكريم وتساؤلهم عن سر انقلاب السماء عليهم بعد أن أمطرتهم شهباً.

وعلى ذات منوال العجائبية والفانتازيا المشوبة بالرومانسية يخط الفلسطيني فوزي عبده روايته: "زوجتي من الجن".. وتحكي عن قصة شاب وفتاة من عالمين مختلفين جمعتهما صدفة القدر، فوقعا في الغرام، ليعرض عليها الزواج. فقالت إنّ ما يطلبه يتجاوز حدود المُستحيل والجنون، فالارتباط بين إنسي وجنية يجر خلفه من الأهوال ما لا يتصوره عقل، إلا أنّ الحب كان أقوى من أي منطق فارتبطا على طريقة عالمها، وغرقا معا في مغامرة الحب المستحيل، وسرعان ما اكتشف سلطان الجن أمرهما فكان الاختبار الأول للحب. الجنية الحسناء تنازلت عن كل علاقة بعالمها من أجل حبيبها فطاردوها وعلموا أنّه لن يسهل القبض عليها إلا بعد تخريب علاقتها بحبيبها الذي وجد نفسه في مُواجهة مع دهاة عالم الجن وليغرق في بحر من الأسرار والغموض.

أما مواطنه أدهم الشرقاوي فيختار متن الحافلة مكانا لأحداث روايته "ليطمئن قلبي" وتدور المشاهد في حافلة تقطع رحلتها اليومية من الريف إلى المدينة، وتتباين الشخصيات في الرواية ما بين الإيمان والإلحاد وثنائية الشك واليقين كما عند ماهر وهشام. وعلى ذات الحافلة أيضاً يعيش كريم ووعد في رحلة حبهما، وحوارات أخرى حول الفرق بين الحب والصداقة، وهل تتحول الصداقة إلى حب، وهل يرجع الحب ليرتدي ثياب الصداقة. وفي الحافلة نفسها يجد عم أحمد الكفيف الطريق إلى الحب حينما يلتقي بـ "شمعة" التي تنير قلبه وتُعوضه عن ضوء الشمس المفقود بفعل العمى، فتصبح عينيه وبصره وبصيرته. وتصحبنا في الحافلة الخالة آمنة المحكومة بالموت بسبب السرطان في رحلة إيمان تجعل كل شيء مع الله طمأنينة! وعلى متن الحافلة أيضاً ريحانة العقيم في رحلة البحث عن إشباع الأمومة لتخبرنا أنّ الإنسان بما يفقد لا بما يملك! ومن بين الشخصيات على متن الحافلة أيضاً كاتب مغمور في رحلة حول الكتابة وماهيتها وآلياتها واصطياد الأفكار وتحويلها من فكر مجرد إلى أدب ملموس..

باختصار الرواية ملخص لرحلة الحياة وفئات البشر.. وصورة مصغرة للخارج.

لم تغب كتب الطفل عن إصدارات عام 2019 حيث صدر كتاب"قصة شوق وحنين للصّادق الأمين" صلّى الله عليه وسلّم للـمـؤلّـف أسامة صفراوي. وقد انتقى فيه المؤلف بأسلوب قصصي شيق وبلغة سهلة غير عصية على الطفل بعضا من المواقف النّبوية العظيمة، والتي تحث على فضائل الأخلاق والمروءة وتهذيب النفس.

هناك أيضاً كتاب "حكاية الهر مينوش المدغري" للمغربي صابر العلوي الواحدي، والتي تحكي قصة قط صغير اسمه "مينوش" في مدينة "مدغرة" بالمغرب.

أما العراقي أحمد خيري العمري فيختار مكة المكرمة مكانا لأحداث روايته "كريسماس في مكة"، كما يختار إجازة الكريسماس كزمان تدور فيه أحداث الرواية التي تحكي عن التقاء مريم بأقربائها القادمين من العراق.

والرواية تنتسب لجنس الواقعية في الأدب، وتحكي عن المجتمع العراقي وعلاقاته الاجتماعية، والخلافات الطائفية بين السنة والشيعة. فالرواية كما وصفوها "قصة أقرباء فرّقتهم الحرب والسياسة والتاريخ والجغرافيا" ثم جاءت الفرصة للقاء ولم الشمل في مكة من أجل قضاء العمرة، نعم الأسماء هي ذاتها لكن الملامح تغيرت ولم يعودوا نفس الأشخاص، بل أصبحوا أشخاصًا آخرين، مختلفين.

وتقص أحداث رواية "الخروج من الأرض السوداء" لأحمد يوسف شاهين والصادرة عن دار "نهضة مصر" حكاية صراع دائر بين مجموعة من الأشخاص للسيطرة على قطعة أرض بمنطقة المطرية بالقاهرة رغبة منهم في إقامة مشروع سكني ضخم. ويستهل الكاتب عرضه من خلال التركيز على جوانب من الصراعات بين أصحاب النفوذ والنخبة والمال، مع إظهار تأثير ذلك على المشكلات الاجتماعية والسياسية والنفسية التي ترتبط بالأبطال.

فالرواية كما وصفها إبراهيم عادل تقدِّم رؤية بانورامية للمجتمع المصري بطبقاته المختلفة، بالسادة والبسطاء، بالمسلمين والمسيحيين، بالرجال والشباب والنساء، كل منهم يظهر في الرواية ليحكي حكايته، وتتضافر خيوط تلك الحكايات لنخرج جميعًا معهم من "الأرض السوداء"،

وصدرت عن دار الشروق للطبع والنشر في هذا العام أيضا رواية "كيميا" لوليد علاء الدين، وتتحدث عن مصير "كيميا"، تلك الفتاة التي نشأت في بيت الشاعر والعاشق الصوفي جلال الدين الرومي، والتي قدمها زوجة لأستاذە شمس الدين التبريزي على الرغم من عدم التكافؤ بينهما، والذي تجلى في أنها كانت أصغر من زوجها بثمانية وأربعين عاماً. وتطرح الرواية عبر سرد متدفق ولغة عذبة، عدة أسئلة صعبة وملغزة.

والرواية كما وصفها مصطفى عبد الله مسرودة تجمع بين بحث الإنسان عن موقعه في هذا العالم، وبحث الإنسان عن أولئك الذين وضعوا في العالم بصمتهم الخالدة بما أتيح لهم من عبقرية أو شفافية وخلوص روح.

أما رواية "منزل بلا أساطير" للمصري عمرو عافية والصادرة عن دار الكتب خان فتدور حول لقاء شادي عرفان بطل الرواية المنعزل الغارق في القواميس والمعاجم في زفاف إحدى قريباته بامرأة اسمها "خير" كانت توجد بينها وبين أبيه علاقة قبل أن يفارق الحياة ويجعله يتيما يافعا، تفتح له تلك المرأة المجهولة بوابة أسرار الماضي، وتسحبه من عالمه المُغلق وحياته الروتينية المملة، وليعيد اكتشاف تاريخ أبيه وأسرته من جديد..

والرواية رحلة عميقة داخل النفس البشرية، بكل ما تحمله من أسرار وتناقضات ومخاوف.

 

تعليق عبر الفيس بوك