"الرؤية" تتألق من يومها الأول إلى الآن

مرتضى حسن علي

الثورة الرقمية كانت أحدى الإفرازات المهمة للثورة الصناعية الرابعة، والتي بدأت ملامحها وتأثيراتها واضحة منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي.. الثورة الرقمية بدورها أفرزت مستجدات كبيرة ومتلاحقة بدأت تكتسح عالم الاعلام، ووسط كل هذه التطورات صدر قبل عشر سنوات وتحديدًا بتاريخ 24 كانون الاول ديسمبر 2009، أول عدد من صحيفة "الرؤية"، لتكون اللبنة الأولى في بناء صرح صحفي إعلامي جديد ومختلف، تقبل التغيير لكي تُمارس التأثير، خبرًا وتحليلًا وتحقيقًا وفكرًا، وان تغيرت الوسائل.

ومنذ صدور العدد الأول، ظلت "الرؤية" تتمتع بالحيوية، مستندة إلى الأكتاف الوطنية وفتحت طريق المستقبل لأجيال جديدة من الشباب والشابات الذين كانوا متشوقين للنجاح والتميز في مجال الصحافة والإعلام، كما استطاعت أن تثبت وجودها وسط الزخم الإعلامي المتنوع، وإيجاد بصمة خاصة لها عن طريق تكريس خطاب ينسجم مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السريعة التي كانت تتلاحق. بدأت "الرؤية" بممارسة التغييرات في الصحافة العمانية، انتقلت من الرتابة والنمطية إلى الناقل للأحداث، ومحللة لها من قبل كتاب عمانيين، ربما أنَّ البعض تصور أن الصحيفة الجديدة لن تتمكن من الصمود وسوف تبدأ بالتثاؤب التدريجي. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها "الرؤية" لصنع النجاح في تلك الظروف، بعد أن أصبحت قراءة الصحف تتم بشكل متزايد عبر الشبكة العنكبوتية، الأمر الذي أدى لتراجع واضح في اقتناء النسخ الورقية، وأصبحت الأموال التي تحصل عليها الصحف من الإعلانات تتناقص بصورة مستمرة. ومع ذلك، تمكنت أن تصمد أمام امتحان الزمن، وفعلت الكثير للإضاءة على الناس والأماكن والقضايا، وبدأت تتكيف مع الواقع الجديد المفروض عليها بوسائل شتى؛ ومنه: الانتقال الى الشبكة العنكبوتية وإصدار نسخ إلكترونية بموازاة نسخها الورقية وتنويع محتوياتها وتنويع مصادر دخلها وجذب المزيد من الكتاب إلى قائمتها.

المكرم حاتم الطائي وفريقه أثبتوا أن العمل الناجح مدعوما بالإرادة لا يتثاءب. صمدت "الرؤية" لتأكيد حضورها وفعاليتها وتأثيرها، واجهت التحدي بإرادة قوية واختارت التجديد بديلا للتثاؤب، وجذب الكتاب المختلفة آراؤهم وضخ دماء جديدة في شرايينها بديلا عن الركود، بدأت نشاطًا دون صخب، وعصفا ذهنيا دون ضجيج. المايسترو الذي أوجده المكرم حاتم الطائي أوجد انسجاما بديعًا مع فرقته من عازفي "الرؤية". قرروا جميعًا أن هذا الاسم لا بد أن يستمر في صدارة العمل الصحفي في كل المراحل للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشرائح المختلفة، تمَّت الاستعانة بفريق عمل يتصف بالشغف والتحدي، والتي عن طريقها تم كسب الرهانات.

صمدت "الرؤية" رغم الصعوبات التي واجهتها، وبقيت منارة إشعاع فكري وإعلامي، وإذ تطفئ "الرؤية" اليوم الشمعة العاشرة من عمرها المديد في ظل مسيرة اختارتها لتكون متميزة وتنقل الخبر بموضوعية من أجل جمهور متعطش لمعرفة المعلومات الصائبة معتمدة على الكلمة الطيبة الواثقة من نفسها، كلمة فياضة بالمحبة للوطن ومتابعة للأحداث بالمصداقية والحياد، ما زالت "الرؤية" طموحة، تحاول باستمرار أن تقدم زخما من الجهد والعطاء لكي تظل قلعة شامخة ومنبرا إعلاميا تقدم الكلمة المسؤولة بأقلام مستقلة.

نأمل أن تكون "الرؤية" في عقدها القادم الأولى، وأن تكون سبّاقة في نشر المعلومات، والمبادرات بذات القدر من المصداقية والمهنية، وأن تكون ضمير الوطن والمواطن؛ لأنَّ خدمة الاثنين معًا واجب وشرف يطمح الجميع للقيام به، كما نأمل أن تتمكن بنشاط من مواكبة التغيير الجذري التي تشهده بُنية الإعلام عالميا، وأن تقدم لقارئها أطيب مائدة من الخدمات الصحفية.

مبروك لـ"الرؤية" وللإعلام الوطني عيد ميلادها العاشر، وكل عام و"الرؤية" بألف خير.