خلفان الطوقي
أكبر تحدٍ يواجه السلطنة هذه الأيام هو معضلة التوظيف، وما يختفي هذا التحدي إلا ويظهر بعد فترة من جديد، وللعلم هذا التحدي وجد قبل الآن، وسيظهر في المستقبل، لذلك يمكن أن نسمي هذه المشكلة بـ (المتجددة) لأنّها تظهر بين فترة وأخرى، وهذه المعضلة هي ليست خاصة في بلد دون آخر، لكن الفرق بين كل دولة وأخرى هو كيفية مواجهتها وحلّها، وبما أنّ هذا الموضوع يظهر كل فترة، فلابد أن يكون طرح الحلول والرؤى بشكل مستمر ويتناسب مع معطيات كل فترة.
عليه، فإنّ معطيات هذه الفترة ليست بالسهلة أبدا، حيث أصبحت المشكلة مشاكل مركبة، ففي السابق كانت تكمن المشكلة في الباحثين عن عمل، أمّا الآن فقد رافقها عدد من الإشكاليات منها إشكالية المسرحين من وظائفهم، بالإضافة إلى تأخر الترقيات وغيرها من الصعوبات الاقتصادية منها معاناة الكثير من الشركات الخاصة، وارتفاع الدين العام إلى مستويات قياسية خطيرة بالإضافة إلى فوائد الدين العام، ولأننا نتحدث عن تحدي "الباحثين عن العمل" فإنّ الطرح سوف يركز على إبراز الحلول لهذه المعضلة الأزلية ومع المعطيات الحالية الصعبة.
طرح الكثير من الأكاديميين والباحثين والكتاب والمهتمين حلولا كثيرة ومتنوعة منذ عام ١٩٩٠م إلى الآن، والجميع أدلى بدلوه، فمنذ ذلك الحين طرحت الحلول والمقترحات والدراسات والتوصيات، ومهما كانت هذه التوصيات والمقترحات، فسوف تجدها تتفق على مبادىء أساسية، وأهمها أنّ الحل لا يمكن أن يكون من جهة واحدة، وأنّ مسؤولية خلق الوظيفة لا يكمن في جهة واحدة، فالمسؤولية يجب أن تكون مشتركة، فهناك من يتوقع أنّ إنشاء مركز التشغيل الوطني هو بمثابة العصا السحرية لتوفير الفرص الوظيفة الجديدة، لكن علينا أن نحلل ونفند "وجهة النظر" هذه.
وهنا التحليل، لن يتعدى المركز إلا أن يكون مبنى يضم [بنك معلومات] يضم الفرص الوظيفية والقوائم الجديدة للباحثين عن العمل، عليه فإنّ المركز لن يخلق الوظيفة كما يتوهم أو يروج البعض، والأصح هو أنّ الاقتصاد القوي هو من يوفر فرصًا وظيفية جديدة، عليه فعلى الحكومة أن لا تفكر في خلق كيانات وتفريخ مؤسسات جديدة وهياكل تنظيمية ضخمة تزيد من ثقلها أعباء مالية وإدارية جديدة ترهق ميزانية الدولة، بل على الحكومة أن تسعى لتقوية الاقتصاد من خلال حزمة قانونية وتنظيمية وتشريعية تنافسية يمكنها أن تقنع المستثمر المحلي في أن يبقي ويزيد من استثمارته في عمان، وبنفس الحزمة التنافسية يمكنه أن يجلب استثمارات خارجية مباشرة وغير مباشرة إلى عمان، وبدون هذه الحزم التنافسية الحقيقية والواقعية لا يمكن أن نخلق اقتصادا قويا، وبالمنطق كيف لنا أن نخلق فرصا وظيفية جديدة بدون شركات تجارية قديمة رابحة أو شركات جديدة تتوقع الربح المالي.
فالحل إذا يكمن في تمكين القطاع الخاص، خاصة أنّ الحكومة أعلنت منذ عدة أعوام أنّ هناك "تخمة" في وظائف القطاع الحكومي، وأنّ مستقبل الوظائف يجب أن يكون في القطاع الخاص، فإذا كانت الحكومة أقرت أنّ الحل في القطاع الخاص، فذلك يلزمها تمكينه وتقويته وتعزيز ربحيته.
وخلاصة القول، بدون اقتصاد قوي، لن يكون هناك قطاع خاص قوي، ولن تكون هناك فرص وظيفية جديدة، فالحل السحري يكون في تقوية الاقتصاد من خلال تعزيز وتمكين القطاع الخاص، ويكون ذلك من أكثر من ١٥ جهة حكومية وخاصة معنية بالاستثمار، وليس من خلال المركز الوطني للتشغيل أو وزارة القوى العاملة فقط.