أفكار مشوشة!

 

المعتصم البوسعيدي

مع كُل أزمة تمرُ بها الرياضة العُمانية خاصةً في كُرةِ القدم التي تستحوذ على اهتمامِ الوسط الرياضي بنسبةٍ كبيرة، تخرجُ الأفكار عن حالِ رياضتنا؛ ما لها وما عليها، أين نحن؟ وإلى أين نُريد أن نصل؟ وكيف نصل؟ والفجوات تتسع على الراتق، وبونٌ شاسع في المُقارنات، ثم ماذا؟! .. ازدحام أفكار وتشوش عقل وذاكرة تُخزن دون حلول.

من لا يقرأ سيظلُ يُردد "ماشي فائدة"، ويصبُ جام غضبه على التنظير، نعم التنظير الذي لا مجال لتطبيقه (هكذا يقولون) فقد سيطرت عليهم الأفكار حتى أصبحت تقودهم إلى ذاتِ المسار، وهكذا رياضتنا خليطٌ من أفكارٍ مشوشة ما تفتأ أن تعود وتتراكم، ومن "يتصدر المشهد" عبارة تكررت ــ رُبما ــ على سبيل الدُعابة، لكنها تتوغلُ لتكون فلسفة إدارة أزماتنا الناجحة لكنها التي تقودنا ــ للأسف ــ إلى اللا شيء.

فازت البحرين ــ أخيراً ــ دون الحاجة لكُرةِ "مُربعة"، ورست السفينة الخليجية على شاطئها التاريخي، وتلألأت دانات "دلمون" على جيدِ المملكةِ الباسمة، مع فرحةٍ خليجيةٍ بعودةِ الأحضان الشعبية الخليجية لضمِ بعضها البعض على أملِ اكتمال المشهد السياسي المعلوم. ومع فوز البحرين وظهور اسم مُدربها البرتغالي ونهجهِ التدريبي وتأثيره، تزاحمت ــ أيضاً ــ الأفكار، وبدأ رسم المثالية المنشودة وتصور النجاحات المشهودة، واستبدال التجارب السابقة، فالعقل ما عاد يقود والذاكرة مشوشةً بالأفكار.

حتى أصل بالقارئ إلى ما أرمي إليه، لنعود قليلاً للأحداثِ القريبة؛ حيثُ مُنتخبنا يفوز بكأسِ الخليج 23 بالكويت وصوتٌ تُحركهُ عواطِفِنا إنها البداية للعودةِ المُظفرة "لجيلِ الذهب"، وقطر تُفاجئ الجميع وتتربعُ على قمةِ الهرم الآسيوي وصوتٌ يهمسُ بأحاسيسِنا بأنها القوة التي "لا تبقي ولا تذر"، والبحرين تقتنصُ غرب آسيا وتنجزُ فرحةٌ عُمر يُناهز الأربعين عاماً بحصدِ بطولة خليجي 24 وصوتٌ تُرنمهُ مشاعرنا إنها البداية فقط "وإن غداً لناظرهِ قريب"، هذه الأفكار المشوشة لا تقودنا لتحكيمِ المنطق والعقل، والذي يقول بأن عملنا آني في أغلبه؛ ينطلقُ بشكلٍ عكسي من الفكرةِ الكبيرة (المُنتخب) إلى الفكرةِ الصغيرة (وسائل الوصول إلى المُنتخب) على أنه يُمكن النفاد إلى التجربةِ القطرية باعتبارِها صوت العقل الذي لم يكتمل بعد، إنما ــ يبدو ــ في الطريقِ الصحيح.

إنَّ الأفكار المشوشة هي ذاكرةٌ تستعمر العقل، فتديرُ البوصلة إلى غيرِ الحقيقة أو لجُزءٍ بسيط من الحقيقة، لذلك نرى المسؤول يطلُ علينا عند الفوز أكثر من إطلالهِ عند الخسارة. لذلك "للفوزِ أب واحد وللخسارةِ ألف أب". لذلك الوعود الرنانة عند النجاح "لها بروق ورعود" أما عند الفشل "مد لحافك على قد رجولك". على إن الأفكار المشوشة ليست سيئة على المُطلق؛ بل إنها "العصف الذهني" المرغوب لمُعالجةِ الواقع شريطةَ إن نستثمرها على نحوٍ إيجابي.

مما قرأت.. يمكن استثمار الأفكار المشوشة بستِ خطوات ــ ليست على سبيل الحصر ــ أراها جيدة لواقعِنا الرياضي؛ خطوة تغيير توقعاتُنا السلبيةِ إلى الإيجابية، فنحنُ حتى وإن انتقدنا بشدةٍ فنتوقع الأفضل ممن ننتقده، وخطوة استجلاب الأفكار قبل أن تنزل علينا مع كُلِ نكسة أو فشل، وخطوة المضي قُدماً من الفكرةِ الصغيرة إلى الفكرةِ الكبيرة لا العكس، وخطوة الاستماع للآخرين بفنٍ يجب اتقانه، وخطوة "صاحب البالين كذاب" بترتيب الأفكار وأولوياتها، وخطوة أخيرة وأشمل بأن نتبع صوت العقل حتى لا تقودنا الأفكار المشوشة إلى ما تريد لا إلى ما نُريد!

الأكثر قراءة