ملفات اقتصادية في 2020

خلفان الطوقي

 

أيام قليلة تفصلنا عن عام 2020، والعالم يمر بالعديد من المنعطفات الخطيرة؛ وخاصة في الجانب الاقتصادي، وأهم هذه القضايا التي تؤثر على أجزاء كثيرة في العالم الحرب التجارية التي لم تنته بعد بين أقوى الاقتصاديات العالمية (أمريكا والصين)، وتباطؤ النمو الاقتصادي الصيني، والتذبذب المستمر في أسعار النفط، بالاضافة إلى عوامل أخرى كثيرة وتأثير ذلك يكون بين الدول بنسب متفاوتة، وبما أن السلطنة جزء من هذه المنظومة، فبكل تأكيد سوف تتأثر حالها حال بقية الدول، هذا ما يمكن أن يسمى بالعوامل الاقتصادية الخارجية.

وبما أننا نحاول رصد العوامل الداخلية التي تخص السلطنة، فإنّ أهم التحديات التي واجهت السلطنة منذ منتصف عام 2014 هو تذبذب ونزول سعر النفط إلى أدنى مستوياته (27 دولارا امريكيا) بعد أن تجاوز سعر 110 دولارات أمريكي للبرميل في مطلع 2014، ولأنّ النفط هو المورد الطبيعي والمالي الأهم للسلطنة وخزينة الدولة، فإنّ أي تغير في سعر البرميل قد يؤثر سلبًا أو إيجابا بناء على الارتفاع أو الانخفاض، وبما أنّ سعر برميل انخفض بنسبة كبيرة بين عامي 2014 إلى 2019، فإنّ ذلك أثّر على باقي القطاعات التجارية، بل وأثّر في كافة السلسلة المرتبطة بالمنظومة الاقتصادية وكل أطراف العلاقة من موظفي القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمواطن وعاداته الشرائية اليومية والتوظيف والترقيات وظهور ملفات عديدة لم تكن ذات أهميّة في أوقات الرخاء الاقتصادي وأثناء زيادة نسبة العرض عن نسبة الطلب في كل شيء، وزيادة الفوائض المالية عن الالتزامات والقروض التمويلية الداخلية والخارجية.

ولأننا اقتربنا من عام 2020، العام الذي سوف تكمل فيه السلطنة بناء النهضة الحديثة تحت حكم مولانا السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه وأطال في عمره - وبدأ العمل الفعلي والمعلن للمركز الوطني للتشغيل بعد تسمية أعضاء مجلس إدارته من الحكومة والقطاع الخاص منذ عدة أشهر مع وجود ذراع مساعد له وهو الصندوق الوطني للتدريب، أضف إلى ذلك بدء الخطوات الفعلية لأهم رؤية مرتقبة في السلطنة وهي رؤية عمان ٢٠٤٠ التي بدأت تحضيراتها منذ عام ٢٠١٣م، ونضوج البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي في السلطنة أو ما يسمى ببرنامج (تنفيذ) الذي يركز على ستة مجالات رئيسة بعيدًا عن النفط والغاز، بالإضافة إلى البدء الفعلي لأعمال مجلس عمان بشقيه (الشورى والدولة)، ولا ننسى المراسيم الخمسة المعنية بالاقتصاد (الخصخصة والشراكة ورأس المال الأجنبي والإفلاس وإنشاء هيئة للتخصيص والشراكة) التي صدرت مراسيم سلطانية سامية في شهر يوليو ٢٠١٩م، والمزمع العمل بها في بداية عام ٢٠٢٠م.

ذلك كله يجعل عام ٢٠٢٠ عاما مميزا وطموحا، ولكنه في ذات الوقت يحملنا مسؤولية وطنية لأنه عام مُحمّل بأعباء ليست بالسهلة أبدًا خاصة الملفات الاقتصادية الحساسة التي تلامس البشر في حياتهم اليومية ومنها ملف التوظيف، والملف الذي بدأ يطفو إلى السطح هذه الأيام وهو ملف بعض المسرحين عن العمل، وملف الترقيات لموظفي القطاع الحكومي، وملف ارتفاع الدين العام بما يتجاوز أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وغيرها من الملفات المتفرعة من الملفات الرئيسة هذه، نأمل خيرًا، ونرى أنّ هذا العام يجب أن يكون عام "إنتاج وعمل" بجد وسرعة وإخلاص وفكر متقدم وبآليات مبتكرة وتقديم الوطن على الأشخاص، هذا إن أردنا التقليل قدر المستطاع من الصدمات الموجعة التي قد تحدث.