قصة قصيرة:

النظريَّة الكلبيَّـــــــة

د. موسى رحوم عبَّاس| الرياض

البروفيسور عناد الخلف عاد مؤخرا من دراسته في جامعة مانشستر الحكومية، وكان مصرا على استعمال دراجته الهوائية كل صباح كعادته أثناء الدراسة في بريطانيا، غير آبه لنظرات المارة، ورغم أن شوارعَ دمشق مكتظةٌ إلا أنَّه سائقٌ بارعٌ، وبراعته ليست محصورة في قيادة الدراجة، بل هي التي قادته إلى وضع أسس النظرية الكلبية، قياسا على النظرية النسبية، والداروينية، ... ولشرح أسس نظريته طلب انعقاد جلسة طارئة لمجلس الكليَّة، وافتتح الجلسة بقوله:

السلوك الإنساني ليس سلوكا فذا، بل هو سلوك تشترك فيه الكثير من المخلوقات، وأهمها الكلاب، يتذكر كلب صديقته هيلين، يصمت قليلا، ثم يتابع، ال(جيرمان شيبرد) كلب حراسة مخلص، وسهل التعامل، لين العريكة، يسهل ترويضه، وال( دوبرمان) كلب واثق بنفسه ويتطلع للزعامة والقيادة، ويحرس موقعه باستماتة، أما ( الهَسْكي) فهو قليل النباح، أي قليل الثرثرة والشِّعارات، لكنه صياد عنيد، احتجَّ رئيس القسم على عبارة ( الشِّعارات) تابع البروفيسور، ( الروت وايلر) قوي وصلب البنية، لكنه يحتاج للتدريب؛ لتضمن فاعليته، لا يصلح للدور الأساس في أي معادلة! هو يصلح لدور الرجل الثاني، استدرك؛ ليقول: أعني الكلب الثاني، وأخفى ابتسامة لئيمة عن الحضور.

أما (الماستيف) فهو من فئة الشَّمَّامين الذين يعرفون مصدر الرَّائحة؛ فيتبعونها للغنائم والصيد، انتهازي وصولي، وأسرع بشرح مقصده بأنَّه مازال يتحدَّث عن الكلب، وكلاب (الكلمندور) هنغارية الأصل، استخدمها الرُّوس لأسْرِ الجنود الألمان، يمكن القول أنَّه " كلب يعمل مُرْتَزقا " ضجَّت القاعة قليلا، ثم ساد الصَّمت.

غيَّر البروفيسور جلسته، وتهدَّج صوته، قائلا: عند الحديث عن كلب (بوسطن) لابد من تذكر بعض الممثلين الكوميديين العرب، استغرب الحضور، لم يأبه، وتابع، فهو كلب سيرك، رغم ضآلة حجمه، قد يبتلع الأحذية؛ ليضحكَ الجمهور، وأختمُ بال (بيتبول) فهو صغير الحجم أيضا، ومع هذا فهو شرس، ويؤذي الغرباء، ويكره الأجانب.

مسح البروفيسور نظَّارته، قبل إلقاء قنبلته في الصَّالة، حيث تنحنح طالبا من كل من أعضاء المجلس الموقَّرأن يجد له قرينا كلبيًّا وفق النَّظرية الكلبية، وهرع لدراجته المربوطة بسلسلة حديدية لجذع شجرة الكينا القريبة، بينما مايزال الصَّمتُ سيد الموقف وعيون الجميع تتجه لصورة كبيرة مشنوقة على الجدار المقابل!

 

تعليق عبر الفيس بوك