صديقي البعيد

 

د. أسامة الحاوي | مصر

 

كان أسبوعي كأنه السَّبعُ الشِّداد؛ تأكل الساعات مني أخضري، وتلتهم الليالي يابسي، أعوذ بالله من ضيق بلا سبب، ومن همٍّ بلا دافع، وخواء ثقيل وغليظ.

تزداد النعم، وأجتهد في الشكر، ويدعمني الكثير، وأتظاهر بالصمود، وتقذفني موجاتي المزاجية لأعلى القمم، والقوة بالقوة.. أهوي في أعمق قاع.

منذ سنوات لم أشعر بهذا الفراغ.. ربما لا شيء لأقوله أحيانًا وفي الأحيان نفسها أصرخ أكلم نفسي بصوت عالٍ، بدمدمة كثيرة غير مرتبة ولا مفهومة.

كنتُ أكتب.. فأُوهب جناحين وربما أهبهما لمن أراد.. والآن أكتب فأنزف وفقدت سيطرتي على أحزاني.. لملمتُها.. عتّقتُها.. ولكن حين يرقص المذبوح لا يدري أين يطأ ولا بمَ يرتطمُ.. ويحطم.

أتعرفُ يا عزيزي؟! أني أستطيع - بفضل الله - الخروج من الأزمة.. وأني غير ما كنتُ عليه.. صرتُ لا أجيد الشكوى للشكوى، ولا الحزن للحزن، ولا أقيم عزائاتي في العلن.. غير أننا أحيانًا نكون كما ولدنا.. ربما على الفطرة لكن لا ذاكرة، ولا هدف، ولا معرفة، وأحيانًا نكون كاليائس الذي حين غمره اليأس وحلت عليه الأفراح صاح.. اللهم أنتَ عبدي.. حاشاه، وأحيانًا نكون كالمخلّفين عن غزوة تبوك؛ ضاقت علينا الأرض بما رحبت وضاقت علينا أنفسنا، وأحيانًا نشعر بالملائكة تصافحنا وبيد الله الرحيمة تربّت على قلوبنا، وأحيانًا نقع في الخطأ.. ترددًا وربما قصدًا أو انتقامًا من نفوسنا التي تسعى بغير دليل إلى مثالية ليس لها وجود في قانون الدنيا والإنسان، وأحيانًا نقول: يارب أخٌ.. تَشدُد به الأزر، وتُشركه في الأمر.

أتعرفُ يا عزيزي؟! رغم أوهام الأزرق إلا أنه يحمل خيوطًا للمحبة والتقدير تربط الناس على بُعد.. ربنا.. ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به.. واعف عنا واغفر لنا وارحمنا.  آمين ، والسلام.

تعليق عبر الفيس بوك