علي بن بدر البوسعيدي
لا شك أنَّ انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة التاسعة كانت بمثابة حدث وطني رائع شارك فيه جموع المواطنين على اختلاف مواقعهم أو تطلعاتهم، لكنهم اتفقوا على حب الوطن والرغبة الأكيدة في المشاركة في مسيرة الشورى العمانية التي أرسى دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-.
هذه المسيرة التي شهدت ازدهارا وتطورا خلال العقود الماضية، منذ أن كان المجلس الاستشاري هو المنصة التي تجمع تحتها الأعيان والرشداء والتجار وغيرهم من أصحاب الفكر والخبرات، ثم تطور هذا المجلس ليصل إلى ما نحن عليه الآن، مجلس شورى يتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية تساهم في دعم مسيرة النهضة المباركة، عبر سن التشريعات المختلفة والموافقة عليها وطلب تعديلها.
ولقد كانت الانتخابات التي أجريت قبل أيام مثالا يحتذى به في التطور التقني المصاحب لمثل هذه الأمور، سواء من حيث استخدام أجهزة التصويت الإلكتروني أو من خلال الفرز الإلكتروني، ومن قبل أيضا تلقي طلبات ترشح المواطنين لعضوية المجلس عبر وسائل إلكترونية، وقيد الناخبين كذلك في السجل الانتخابي إلكترونيا.. كل ذلك يؤكد مدى التقدم الذي وصلت إليه إستراتيجية عمان الرقمية، وما بلغته من مراكز متقدمة، يشهد لها الجميع.
أسعدتني جدا رؤية الناخبين والناخبات يتجمعون في صفوف وتحت المظلات في المراكز الانتخابية انتظارا لعملية التصويت، حرصوا على أن يدلوا بأصواتهم في هذا المحفل الانتخابي ليقولوا كلمتهم وينتخبوا من اقتنعوا أنه الأجدر بتمثيلهم داخل مجلس الشورى.
وأود أن أقول إن ما قد شاب العملية الانتخابية من تحديات ليس سوى أمور بسيطة لم تؤثر على النتيجة النهائية وهي منطقية وواقعية في ظل الإقبال الكبير من الناخبين على نظام التصويت الإلكتروني، وهو ما تسبب في الضغط على شبكة الإنترنت، ونجم عن ذلك بطء الأجهزة المستخدمة في عملية التصويت.
لكن حقيقة القول أن هذه الطفرة غير المسبوقة في عملية التصويت بانتخابات الشورى كان لها الصدى الكبير في وسائل الإعلام العربية والأجنبية، والتي أشادت بجهود الجهات القائمة على تنظيم الانتخابات، وقد لمستُ ذلك في التغطيات الإعلامية التي تابعتها عبر القنوات الفضائية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تناقلت ما نشرته الصحف العربية عن انتخاباتنا.
لكن بعد انتخاب المجلس الجديد، نأمل بشدة أن نرى فعالية الأعضاء في طرح الأفكار غير التقليدية لمواجهة الكثير من مشكلاتنا، والعمل على وضع حلول ناجحة لها. ورسالتي إلى جميع الأعضاء المنتخبين الجدد في هذا المجلس أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة وطننا عمان فوق كل اعتبار، وأن يتجنبوا القضايا الهامشية التي لا تهدف سوى للبهرجة الإعلامية، وأن يركزوا بشكل واضح على قضايا التنمية وتوظيف الشباب وتطوير القطاع الخاص، وهذا القطاع الذي آمل أن يسهم بصورة أكبر في عملية التنمية خلال المرحلة المقبلة، لاسيما وأننا مقبلون على تطبيق رؤية عمان 2040، بكل ما تحمله من تطلعات وأحلام وطموحات وخطط تنموية تستهدف وضع بلادنا في مصاف الدول المتقدمة في العديد من المجالات، ولعل الأهم في ذلك كله ما تطمح له هذه الرؤية لتحقيق التنويع الاقتصادي ورفد ميزانية الدولة بالمزيد من الإيرادات غير النفطية، بعدما تراجعت أسعار الخام، وبات لا يعتمد عليها لأنها مصدر ينضب ولا يتجدد.
وأخيرا.. على جميع أعضاء مجلس الشورى أن يؤدوا الأمانة التي ائتمنوا عليها وهي تمثيل المواطن داخل مجلس الشورى، لا أن يكون المجلس بالنسبة لهم وجاهة اجتماعية أو منصة للظهور الإعلامي أو غيرها من الأهداف غير الإيجابية التي ربما يريد البعض أن يصل إليها.