القلب خيمة كبيرة للحزن

 

د. أحمد جمعة | مصر

 

في الثلاثين..

الأقدام تمشط الأرصفة، رذاذ مترّب

يبلل الهواء المختنق بحرارته،

جرذان تتقافز في روحي التي تعفّنت

من الوحدة

وانتظار حب لن يعود من قبره

وأمل في جمال لن يعدو كونه ربيعا مباغتا.

 

أضرب رأسي

التي كبرت بصلعتها،

أنصت لصوتي الذي بات أكثر خشونة

أتلمس شعر شاربي الكث والشائك،

وأهتف: نعم، إنها الثلاثين،

ثلاثة عقود من التدرب على الحياة

بمتعها الزائفة

ومواقفها المخيّبة،

كافٍ جدًا لأعرب عن أسفي الكامل

على مولدي.

 

الرصيف الذي اعتنيت بتمشيطه

أكل قدميّ،

انظر إلى مطباته؛

من لحم خطواتي كبُرت.

 

في الثلاثين،

صار الوقت مألوفا جدًا،

اليوم، الأمس، وغدًا أيضًا كذلك؛

الأيام جميعها خردة،

وخطواتي نفسها خطواتي

مستعملة

ورديئة

ولا تقودني إلا لعامٍ آخر أكثر إحباطا.

 

رماد هو الحب

في الثلاثين،

والمشاعر بئر

لا سيارة تعرفها

ولا دلو قد يخرج منها حتى بسراب،

عطش دائم

في صحراء الوحدة واليأس،

وكلُ ما له كلٌ

يكرّس داخلك للمادة.

 

لن يجلب الشعر حبيبة،

ولن تكتمل رجولتي التي كادت

بالقصائد،

لا يمكنني أن أحتمي من المطر

والبرد

وحر الظهيرة

وبذاءات المتنمرين

تحت سقف بيت شعري.

 

في الثلاثين،

يصبح القلب خيمة كبيرة

للحزن،

الزمن كل الزمن

ساكت، وتائه

ويشرب من قلبك المترع بالأنين

خمرًا لأيامه،

والحياة هامش كبير وفضفاض

لمتن ثلاثينك الفارغة!

تعليق عبر الفيس بوك