عُمانيون بلا وظائف

د.سليمان المحذوري

يبدو أنَّ أزمة الباحثين عن عمل في السلطنة ما زالت تراوح مكانها، رغم استيعاب عدد منهم في جهات مختلفة تُعنى بالتشغيل، ولا يزال تريند هاشتاج #باحثون_عن_عمل_يستغيثون يتصدر القائمة في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". وهذا راجعٌ إلى تراكم أعداد كبيرة من الباحثين عن عمل على مدار سنوات عديدة؛ سواء من حملة دبلوم التعليم العام أو البكالوريوس، ومخرجات الدراسات العليا وغيرها، كما أنَّ الأعداد في ازدياد مستمر.

ومع الأزمة المالية الحالية، وإيقاف أو تقليل التوظيف في القطاع الحكومي بات التعويل على القطاع الخاص لامتصاص هذه الأعداد الكبيرة، رغم تأثر هذا القطاع بالأزمة المالية كذلك، وتملُّص مؤسساته من هذه المسؤولية بدعوى تقليل الإنفاق أو عدم وجود الكفاءات العُمانية المناسبة؛ وبالتالي تفضيل العنصر الأجنبي على ابن البلد، والحديث في هذا الجانب ذو شجون ويطول شرحه.

بيد أنني في هذا المقال سأسلط الضوء على القطاع الحكومي الذي يضمُّ عددًا كبيرًا من العُمانيين؛ وبالتالي بالإمكان التركيز على هذا القطاع لاستيعاب أعداد كبيرة من الباحثين عن عمل؛ على سبيل المثال: قطاع التعليم والصحة، بإمكانه امتصاص جزء كبير من هذه الشريحة. كما أنَّ قضية المحاضرين العُمانيين في الكليات التقنية التي أثيرت مؤخرًا ليست ببعيدة؛ فقد تمّت مناقشتها إعلاميًّا، وكان هنالك إجماع على ضرورة تعينهم بشكل مباشر من قبل الجهات المختصة، بدلًا من نظام الشركات المعمول به حاليًا، ونكاد نتفق على أنَّه غير مناسب سوى تربيح هذه الشركات وملاكها على حساب الشباب العُماني، مع أهمية تقليص أعداد المحاضرين الوافدين في مؤسسات التعليم العالي خاصةً الحكومية. والسؤال المطروح دائمًا: كيف لجهة حكومية مسؤولة عن ملف التعمين وهي لا تُطبِّق هذا التوجُّه في المؤسسات التي تقع تحت إشرافها المباشر؟! من جهة أخرى، يُمكن النظر كذلك في كثير من المسميات الوظيفية؛ مثل: خبير، ومهندس، وفني...ونحوها، والتي يشغلها الوافدون وما أكثرهم، ومن ثمَّ العمل على إحلال الموارد البشرية الوطنية محلهم وفقًا لخطط تعطي نتائج سريعة وملموسة. وعليه، فإنَّنا نعوِّل كثيرًا على المركز الوطني للتشغيل الذي أُنشئ بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم 22/2019، في لملمة أوراق هذا القضية الوطنية المبعثرة هنا وهناك، والشروع في وضع الإستراتيجيات الناجعة لحلحلة هذا الملف سريعًا، وإتاحة المجال لشبابنا في الحصول على فرص وظيفية، وهذا حقٌّ مشروع لهم؛ فكم هو مُؤلم حقًا أنْ نسمع ونرى شبابًا مُؤهَّلين في عمر الزهور يقضون جُلَّ أوقاتهم في بيوتهم، بدلًا من المساهمة في خدمة وتنمية هذا الوطن العزيز.

تعليق عبر الفيس بوك