"سي إن إن": ترامب يخوض "مقامرة خطيرة" مع الاقتصاد الأمريكي

ترجمة- رنا عبدالحكيم

تهدد الحرب التجارية المتصاعدة التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الصين، بإحداث صدمة قوية للاقتصاد الأمريكي لا يستطيع حتى مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المرزي الأمريكي) استيعابها بالكامل.

ووفقا لتقرير نشرته وكالة "سي إن إن بيزنس" الإخبارية الأمريكية، فقد خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة هذا الأسبوع لأول مرة منذ ما يقرب من 11 عامًا، مما قلل فعليًا من احتمالات حدوث ركود في الولايات المتحدة. وبعد 24 ساعة فقط، أثار ترامب تلك الاحتمالات من خلال التعهد بإطلاق الرسوم الجمركية على 300 مليار دولار من واردات الولايات المتحدة من الصين، مما سيؤثر للمرة الأولى بشكل مباشر على المستهلكين الأمريكيين.

وستفاقم الجبهة الجديدة في الحرب التجارية، أزمة الركود في التصنيع في جميع أنحاء العالم. وسيؤدي ذلك إلى إضعاف ثقة الأعمال ويمكن أن يقلل من التفاؤل بين المستهلكين. ويرى تقرير "سي إن إن بيزنس" أن فرض هذه الرسوم الجديدة لن يجلب سوى منافع قليلة، مقارنة برد فعل بكين الانتقامي.

وقالت كريستينا هوبر كبيرة استراتيجيي السوق العالمية في إنفيسكو: "قد تكون هذه الرسوم مضرة بشكل لا يصدق للاقتصاد العالمي، فقد ارتفع خطر الركود بسبب تصاعد الحرب التجارية".

وقام ترامب بتحجيم المستثمرين يوم الخميس الماضي بإعلان نهاية مفاجئة للهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين. على الرغم من أن المحادثات ستستمر، إلا أن ترامب أكد أنه يعتزم فرض رسوم بنسبة 10٪ على الواردات الأمريكية المتبقية من الصين.

وأعقب ذلك تراجع الأسهم الأمريكية، كما هرع الاستثمارات المالية إلى السندات الحكومية ذات العوائد المرتفعة، والتسبب في هبوط عوائد سندات الخزانة إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات.

وأضافت هوبر: "هذا يشير إلى الكثير من القلق بشأن توجهنا نحو تباطؤ عالمي ضخم".

وحافظ ترامب أيضًا على احتمال أن ترتفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 25٪.

زيادة تباطؤ التصنيع العالمي

وحتى قبل تصاعد الحرب التجارية، كانت عمليات التصنيع في العالم تمر بمرحلة تباطؤ حاد؛ حيث انخفض مؤشر باركليز لثقة التصنيع العالمي إلى المنطقة السلبية في يوليو. وقال باركليز إنه "تحذير آخر من الركود الصناعي العالمي المستمر". وهبط نشاط المصانع الأمريكية في يوليو إلى أدنى مستوى منذ حوالي ثلاث سنوات.

ويلقي الكثيرون باللوم على الحرب التجارية في تراجع التصنيع العالمي، لكن هذا قد يكون صحيحًا بشكل جزئي فقط.

وقال لاكشمان أتوشتان المؤسس المشارك لمعهد البحوث الاقتصادية إن تباطؤ التصنيع بدأ قبل اندلاع الحرب التجارية في ربيع عام 2018، موضحا أن كل جوانب الحرب التجارية سلبية تماما.

وتسببت الولايات المتحدة في حدوث صدمة اقتصادية في وقت يتعرض فيه الاقتصاد العالمي لمشاكل جمة.

وتكهن البعض بأن يصعّد ترامب الحرب التجارية لإجبار بنك الاحتياطي الفيدرالي على الاستماع إلى نداءاته بخفض أسعار الفائدة. لكن هذه ستكون مقامرة محفوفة بالمخاطر، لأنه لا يوجد ضمان لقرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وكتب وين ثين رئيس الاستراتيجية العالمية للعملات لدى براون براذرز هاريمان في مذكرة موجهة للعملاء: "ببساطة لا معنى للمخاطرة بحدوث ركود عالمي من أجل دفع الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة".

وقال إنه من المحتمل أن يكون ترامب قام بالتصعيد مع الصين، لأنه يشعر بالجرأة من خلال تخفيض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وأضاف "نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يشجع عن غير قصد موقفا أكثر تشددا بشأن التجارة".

وتقوم "وول ستريت" بالفعل بتسعير فرص خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام استجابة للارتفاع في التوترات التجارية.

وتابع وين ثين قائلا إن "هناك خطر من أن نعلق في حلقة التغذية المرتدة". واستطرد بالقول: "يحتفظ بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة، وتواصل السياسة التجارية ضغطها في وقت تنفد فيه ذخيرة الاحتياطي الفيدرالي لمحاربة الركود المقبل".

تعليق عبر الفيس بوك