طالب المقبالي
قديماً يقال وراء كل عظيم امرأة، وهذه حقيقة، فالمرأة بالفعل وراء نجاح الرجل، فهي البلسم لكل شائكة ومُعضلة، فقد أودع الله سبحانه وتعالى المرأة سراً من أسراره في إعانة الرجل والوقوف معه في كل المعضلات التي تعرقل مسيرة حياته منذ طفولته وحتى كهولته، فالمرأة تقف إلى جانبك منذ الصرخة الأولى وأنت تواجه الحياة عند خروجك إلى الدنيا، حتى تغادرها.
فأول امرأة تجدها معك منذ اللحظة الأولى من تكوينك في بطنها هي أمك، حيث تُعاني من آلام الحمل ومتاعبه، ثم حملك وأنت تكبر في بطنها تدريجياً طوال تسعة أشهر حتى تخرج إلى الحياة في بداية حياتك، فتمضي معها رحلة من أجمل رحلات حياتك.
فتتحمل شقاوة طفولتك، وتتحمل المشاكل التي تسببها لها مع أبناء الجيران وأنت تلهو معهم، وتتحمل صراخ "والدك" وطلبه الابتعاد بك بعيداً عن مسامعه حين تبكي أو تتألم من الحمى أو ألم الأسنان أو وجع البطن لأنَّ صوتك يزعجه ولا تدعه ينام أو يرتاح، فترضخ الأم لكل الضغوطات من أجلك وكأنَّها هي من ارتكبت الجريمة حين أنجبتك، وكأنها ليست بحاجة إلى الراحة مثل أبيك.
تذهب بك إلى المستشفى إذا مرضت، وتنام معك إذا تمَّ تنويمك، فتنقطع عن العالم الخارجي من أجلك حتى تشفى، فتكبر وتمر الأيام فتذهب إلى المدرسة، وتسهر معك الليالي لمتابعة دروسك، فهي تتمنى أن تراك متفوقاً في دراستك، وتنتظر اللحظة التي تظهر فيها نتائج الدبلوم العام بكل لهفة، وتكون في أسعد حال عندما تأتي بنتيجة مشرفة توصلك إلى مقاعد الدراسات العُليا، فتتابع خطواتك في الجامعة، وتجهز لك أطايب الطعام عند عودتك في نهاية الأسبوع، وتترقب الباب حين يفتح وتطل عليها لتُعانقك بكل ما أوتيت من حب، فتنصرف خلال الإجازة في الاهتمام بك وبغسيل ملابسك الأسبوعية، ثم تهيئ لك الزاد لتحمله معك حين تغادر البيت إلى الجامعة.
وهكذا تمضي الأيام فتتخرج في الجامعة، ثم تدعو لك من جانب أن يوفقك الله بعمل مناسب، ومن جانب آخر تدعو لك أن يرزقك الله بابنة الحلال.
فتتزوج وتتمنى أن تبقى إلى جانبها حتى تنجب ثم ترعى أطفالك وتمنحهم نفس الحنان الذي منحتك إياه، ولكن هنا قد تنتهي القصة بمُغادرتك لهذا الحضن الدافئ لتنتقل إلى حضن آخر وهو حضن الزوجة التي ستستلم مهام رعايتك لتبدأ قصة أخرى مع امرأة أخرى تمنحك البلسم في مسيرتك القادمة.
فقبل أن أعرج إلى الزوجة هناك قبل ذلك امرأة أخرى تُعطيك بسلمها إلى جانب الأم وقبل الزوجة، إنِّها أختك، فالأخت ستكون شريكة الأم في رعايتك وخدمتك، فتتقاسمان رعايتك إن كانت لك أخت تكبرك أو تصغرك سناً.
فبعد أن تستلم الزوجة زمام الأمر تمنحك كلما تمتلك من حب وحنان ورعاية، فتسهر إذا مرضت، وتقلق إذا خرجت من البيت حتى تعود، فتنتظرك عند عودتك من العمل لتجد غرفة نومك معطرة ومبخرة، وتجهز لك أطايب الطعام، وتستقبلك عند الباب بالعناق أحياناً، وهنا يختلف الوضع لدى البعض، فهناك متسع من المجال للتعبير عن الحب وعن السعادة وإن تقاربت الأمور.
المقال لم ينته فهناك الجدة وهناك العمة والخالة، وهناك زميلة العمل وهناك نساء عظيمات سأتطرق إليهن في مقالات قادمة، فالمرأة أيقونة حب وإخلاص ووفاء أينما وجدت وأينما وُضعت.
فهي تقوم بدورها بإتقان وبحب وإخلاص ووفاء، فالمرأة بلسم لكل الرجال، وهي بلسم الحياة.