"لا للإساءة إلى كبار السن"

 

طالب المقبالي

عوّدنا فرع جمعية إحسان بمحافظة جنوب الباطنة على التميز في برامجه التي يُقدمها للمسنين، وقد عايشنا هذا التميّز منذ جمعيّة أصدقاء المسنين، فرع جنوب الباطنة.

كم هو جميل هذا المسمى الذي افتقدناه وافتقده المسنون في السلطنة قاطبة (جمعية أصدقاء المسنين).. مسمى يتسلل إلى القلب ليبعث شذاه في نفوس جميع المسنين لمنحهم الإحساس بأنّ للمسنين أصدقاء وأحبة، فيحل محله إحسان، وتعريف إحسان في مصطلح اللغة العربية "ما يُصنَع من معروف ويشاع من خير" وبالتالي يحسسهم بالضعف والحاجة إلى العطف والإحسان.

بخلاف أصدقاء، فأصدقاء مشتقة من الصداقة، وتعتبر الصداقة أحد أعذب المناهل التي تساعد الإنسان على الاستمتاع بالحياة.

فلنعد إلى موضوعنا وترك المقدمة التي لن تقدم ولن تؤخر في شيء بعد قراري إلغاء جمعية أصدقاء المسنين، وإنشاء جمعية إحسان، فأصحاب القرار لهم رؤيتهم في هذا الأمر ولا اعتراض عليها، وإن كان بالإمكان أن تكون إحسان جمعية خيرية عامة أسوة ببقية الجمعيات الخيرية وتشمل في خدمتها جميع المعوزين، وتبقى جمعية أصدقاء المسنين للمسنين.

وبالعودة إلى الموضوع الأساسي فإنّ فرع جنوب الباطنة قد عودنا على تقديم البرامج والتسهيلات للمسنين في المحافظة، فقبل أيام نظم فرع جمعية إحسان بجنوب الباطنة ندوة توعوية حول إساءة معاملة كبار السن تحت شعار "لا للإساءة إلى كبار السن" بمنتجع ميلنيوم المصنعة، وحضرها كل من يعنيهم أمر المسنين عدا الجمعية الأم التي لم يمثلها أحد في هذا التجمّع الكبير الذي حضره أصحاب السعادة والمكرمون والمهتمون بشؤون المسنين.

هذه الندوة التي رعى فعالياتها سعادة عبدالوهاب بن ناصر المنذري نائب رئيس الهيئة العامة للصناعات الحرفية شهدت خمسة محاور على مدى جلستين متواصلتين؛ قدّم محورها الأول يوسف بن محسن اللمكي رئيس فرع جمعية إحسان بمحافظة جنوب الباطنة والذي جاء بعنوان "نحو فهم عام لإساءة معاملة كبار السن".

وأمّا المحور الثاني فقد قدّمه الدكتور حمد بن ناصر بن منصور السناوي استشاري أول طب نفسي للمسنين بمستشفى جامعة السلطان قابوس والذي جاء بعنوان الإساءة للمسنين من منظور نفسي.

ثمّ المحور الثالث والذي قدّمه الدكتور علي بن طالب بن فايز الحضرمي مشرف إرشاد نفسي بمحافظة الظاهرة وجاء بعنوان "قراءة نفسيّة في شخصيات المعتدين على كبار السن".

أمّا المحور الرابع فكان بعنوان "الآثار الصحيّة لكبار السن من الإساءة" قدمته الدكتورة صالحة بنت علي الجديدي استشارية طب نفسي وصحة المسنين.

واختتم الدكتور هلال بن عبدالله بن هلال الخروصي واعظ ديني بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية محاور هذه الندوة بالمحور الخامس والأخير فكان بعنوان القيم الأخلاقية في التعامل مع المسنين.

وقد شهدت هذه الندوة تفاعلاً من قبل الحضور، وخلصت إلى توصيات عديدة من أبرزها "وضع قانون حماية المسن" ووضع برامج توعوية وتثقيفية وتدريب مقدمي الرعاية والعاملين في المجال الصحي على الكشف المبكر وعلى الطرق الصحيحة في معاملة المسن، كذلك وضع برامج مشتركة في القطاعات المتعددة بين القطاعين الحكومي والخاص لخدمة المسن، ووضع برنامج خاص في القطاع الصحي للكشف المبكر والتدخل السريع للآثار الصحية للمسنين من الإساءة.

ولم تهمل الندوة أهميّة تأهيل وتدريب العاملين في القطاع الصحي في التعرّف على علامات الإساءة والعنف تجاه المسنين لما له من أهمية.

وكذلك إدراج مقاييس عملية لتقييم الإساءة ضمن تقييم حالات المرضى عند حضورهم للمستشفى والمراكز الصحية.

وأيضاً دعم مقدمي الرعاية وتدريبهم للقيام بالرعاية مع المحافظة على صحتهم.

كذلك تطرّقت التوصيات إلى للتنشئة الاجتماعية لما لها من دور أساسي في رسم شخصيّات الأطفال منذ سنواتهم الأولى وما سيكونون عليه مستقبلاً، والحث على إعطائهم العناية الخاصة.

كما تضمّنت التوصيات بعض الممارسات التربوية الخاطئة كالقسوة الزائدة التي تؤدي إلى نتائج عكسية مما لا يتمناه أحد لأبنائه، كذلك تدريب الأطفال على مهارات التواصل الفعّال مع الآخرين منذ الصغر.

وتضمّنت التوصيات أيضاً جانباً مهماً وهو وضع مرصد للإبلاغ عن الإساءات في معاملة كبار السن.

إنّ مثل هذه الندوات بالتأكيد سوف يسهم في نشر الوعي في المجتمع على أهميّة الاهتمام بالمسنين، وما يتعرضون إليه من إساءة سواءً في محيط الأسرة أو من قبل القائمين على خدمتهم لا سيما من العمالة الوافدة الذين يستلمون زمام الأمور في رعاية المسنين.