المشهد الأدبي.. ضمور وانحطاط واداع للمثالية (4)


مروان المخلافي | اليمن

لست أدري هل من المناسب وصف المشهد بهذا الوصف القاسي قليلاً ليتناسب مع المستوى الذي وصل إليه، أو أن تخفيفه بوصف أقل حدة منه سيكون الأجدى على اعتباره بأنه لم يصل بعد إلى مثل هذا الحد. الواقع يقول لربما ذاك وذاك ، لكن ما لا يمكن الاختلاف حوله واقع الممارسات القاسية في سلوكها اتعاملها لدى المراقبين للمشهد عن كثب ، نقول ذلك مع التأكيد بأن عالم التواصل بين المثقفين والكتاب ، وبالخصوص في وسائل التواصل الاجتماعي مازال واقعٌ افتراضيٌ، ووعالم هلامي قد لا يعبر عن واقع الأشخاص، وعليه فقد كان من غير المجدي أن يستفحل فيه واقع رديئ على واقعه الافتراضي ومشهده الهلامي، ونعرف بأن مثل هذه العوالم لديها القدرة الفائقة والمتناهية في صناعة الواقع بأقل من التزييف وأكثر من الواقع، بما تمتلكه من قدرة على التواصل وصناعة رأي عام قد يعبر بالضرورة عن رواده والمتفاعلين فيه.
والضمور والانحطاط لربما لديهما شاهد من الواقع يتجلى بكثير من التصرفات  المتفشية بعدة مظاهر لربما أشدها وقعاً استغلال البعض لفراغ الشباب والبنات ليكونوا مداره وبصمته والمتحلقون حوله على كل حال  في كل موطن يتجلى فيه الأدب، وتتربع عليه راية الثقافة، فيبدأ بتوزيع الأدوار والمهام التي يملك مفاتيح كل شيئ فيها ، فذاك يكلفه بترأس مجلته، وأولئك يمنحهم إدارة النشر فيها، وآخرون يقلدهم مهمة التحرير فيها ، وغيرهم يمنحهم هندسة العلاقات العامة وخدمة العملاء، وواحد هناك لم ينسىأن يجعله أدمن الموقع ، وبجواره أكثر من واحد لهذا الدور، فيستغل هؤلاء الطيبون الذين قد ينبهرون ببريق المنصب مقارنة بحالة الفراغ والتشظي المجهول ليأتي دهاء هذا الإنسان ليلم كل هؤلاء في بوتقة من الاهتمام كما يظنها هؤلاء، فيضمهم كفريق لديه هم جزء من تاريخه وأمره ونهيه ومجده في  أجندته وحسبانه سعياً منه للظهور بموقف مثالي للأسف الشديد.
وهؤلاء - بالمناسبة - ربما يكثر الحديث لديهم عن الاخلاق والقيم وضوابط الكتابة الأدبية الهادفه التي تنطلق من رسالة سامية بعيدا عن الفحش والابتذال، فقط اقترب قليلا منهم ومن جروباتهم ومنتدياتهم وما يقوله الأفراد في من يقودهم من إضفاء هالات من التعظيم والتقديس عليهم وما يتبادر من حديث فيما بينهم في العام وغيره ستجد الواقع الحقيقي والممارس على غير المروج.
ربما يكون مثل هذا الحديث نوع من النميمة، ويدخل في سوء الظن بنفس الوقت، وتجنٍ سافر على البعض ، وتعد على الحريات والسلوكيات الشخصية، لكنني - يعلم الله - حاولت فقط توصيف واقعنا الذي يكثر الحديث عنه من وسطنا وعن واقعنا رجاء تبدله لأحسن حال يسرنا كلنا ،ونفخر به كمنتسبين لهذا الوسط الجميل. وعليه فليس من الضروري البحث في أصحاب مثل هذا الواقع الذي قد أكون جزء منه يقيناً، بقدر حاجتنا إلى تعديل السلوك ، وتقويم التجارب.

 

تعليق عبر الفيس بوك