نهائي الحلم للمحاربين

 

حسين بن علي الغافري

اكتمل عقد نهائي كأس الأمم الإفريقية المقامة حالياً في مصر أم الدنيا، بوصول المنتخبين السنغالي والجزائري إلى لقاء الختام.

بطولة عشنا تفاصيلها ومنافساتها الممتعة طيلة الفترة الماضية، ولعل الأمنيات السابقة بنهائي عربي خالص كانت على بُعد خطوات بسيطة لولا الحظ نوعاً ما، الذي عاند منتخب تونس في نصف النهائي بلقاء السنغال. مباراة حبست الأنفاس وساهم الهدف العكسي وبعض القرارات التحكيمية الجدلية في إقصاء النسور بصعوبة بالغة. عموماً تونس خالفت التوقعات بعد دور المجموعات المتذبذب الذي قدمته، وكانت رقما صعبا في الأدوار الإقصائية، وهو جهد ينبغي البناء عليه، والتفكير في الاستحقاقات القادمة، وتقديم توليفة ممتازة ذات وزن ثقيل تضع المنتخب كرقم صعب على الدوام!

عموماً، يبدو أن لقاء النهائي سيكون ساخناً بشكل كبير، مع دعواتنا أن يحالف الخُضر كل التوفيق، وأن يكون اللقب جزائريًّا خالصًا يسعد أشقاءنا الجزائريين والعرب بشكل عام. المباراة بطبيعة النهائيات ستلعب على تفاصيل بسيطة وجزئيات محددة من شأنها أن ترجّح كفة دون أخرى. ولقد أثبت المنتخب الجزائري طيلة مشواره الحنكة والتعامل المميز بقيادة جمال بلماضي. فضلاً عن تألق كل اللاعبين الجزائريين وفي مقدمتهم رياض محرز وبونجاح بلايلي وسفيان فيغولي وغيرهم. المنتخب الجزائري قدم طوال مشواره في البطولة أداءً رجوليًّا وجاهزية واضحة وتحضيرا نفسيا على أعلى مستوى، مع رغبة حقيقية في تقديم بطولة مشرّفة. هي كلها عوامل مترابطة أسهمت فيما تحقق حتى اللحظة، على أمل أن يكتمل المشوار باللقب بإذن الله.

وفي الجانب الموازي، يظهر أن السنغال طرف النهائي الآخر سيكون صعبًا، وسيقاتل من أجل التتويج، وذلك لامتلاكه عناصر منضبطة تؤدي أدوارًا عالية المستوى في جميع الخطوط. إجمالاً، فقد قدمت السنغال بطولة ممتازة ولعل الإمكانيات الفنية التي يمتلكها المنتخب بقيادة نجم ليفربول ساديو ماني تؤهلهم لتقديم نهائي مرهق للأشقاء الجزائريين. إلا أنني أعتقد أن الجوانب الفنية بين الفريقين تميل للجزائر التي تضم مواهب كبيرة بفنيات عالية، ومع ذلك فالمنتخبان متقاربان في فهم كل منهما الآخر، وهو ما أكده النجم سفيان فيغولي بعد مباراة فريقه أمام ساحل العاج، عندما قال إنَّ المواجهة ستكون صعبة ومعقدة؛ وذلك لأنَّ كل فريق بمثابة كتاب مفتوح للآخر بعد مواجهة دور المجموعات. ولعل نتيجة مباراة دور المجموعات التي انتصر فيها المنتخب الجزائري تمنح جمال بلماضي قراءة جيدة ومعرفة مكامن الخطر الذي من الممكن أن يُسببه زملاء ساديو ماني. مع ذلك تبقى مباريات الختام صعبة القراءة والتوقع، ولكن نؤمن بقدرة الخضر في صناعة الإنجاز وعدم التفريط بمثل هذا الموعد، وتقديم مباراة مشرّفة تكّرم المنتخب الجزائري أفضليته على القارة السمراء.