كم من جرائم ارتكبت باسمك يا فلسطين

 

غسان الشهابي

ما حدث في العاصمة العراقية بغداد، للسفارة البحرينية خلال الأسبوع الماضي، يُعد من الأعمال التخريبية والتي لا تستقيم مع القوانين والأعراف الدبلوماسية، وهو الأمر الذي استنكرته تالياً عدة دوائر عراقية، بدءاً من الرئاسة ورئاسة الوزراء ومجلس النواب وعدد من الدوائر السياسية، وذلك بعد أن قام عراقيون "غاضبون" من إقامة "ورشة المنامة" الاقتصادية، وتداعياتها المعروفة، بالتظاهر أمام السفارة، ومن ثمَّ اقتحامها وإتلاف بعض محتوياتها.

وإذا حُقّ لنا الاستغراب في أن ردّ الفعل الشعبوي العراقي جاء بعد يوم من انتهاء "الورشة"، فإنَّ ما هو أكيد أنَّ الأمر لم يكن محض صدفة، ولا تجمّعا عفويا، ولا أيّ من هذه الشعارات يمكن أن تنطلي، فهناك أكمة واضحة المعالم، وما وراءها أوضح لا يخفى على أحد. ولكنها – وحتى هذه الساعة على الأقل – هي الجريمة الأحدث فقط في سياق الجرائم التي ارتكبت باسم فلسطين، وفلسطين منها براء.

فالأنظمة العربية، وخصوصاً كلما كانت أقرب وألصق جغرافياً بالأراضي المحتلة، هي أكثر الأنظمة التي تتمنى ألا يزول هذا الاحتلال، الذي وفّر على مدى سبعين عاماً غطاءً لارتكاب الفظاعات المُتلاحقة بحقوق الأوطان والشعوب. فجرى تنصيب الديكتاتوريات باسم تحرير فلسطين، وإسكات الشعوب لحين تحرير فلسطين، ودحر جميع الحركات التحررية لأنها تريد الإضرار بقضية فلسطين، وأثرى من أثرى من أموال المساعدات التي تُرسل لتقوية الجبهات العسكرية، بينما لم نجد من الجبهات إلا ورقاً يُخترق ويحترق مع أول رصاصة، وتتحول الدبابات لأرانب، كما يقول مظفر النواب، وهي الأنظمة، نفسها التي مع قربها وبعدها الجغرافي من مركز المركز العربي التي تنقلب على بعضها على اعتبار أنَّ السابق خان الأمانة، ويظهر التالي وقد أمّن الخيانة، وجرى عبر السنوات دفع الرِّشا وأخذت العمولات من الدوائر المحيطة بالزعامات، في صفقات أفقرت البلاد، فلماذا يزول الاحتلال وقد عقدت الصفقات من تحت الطاولات، وفي ظلمات الليالي، ووضح النهار بأن يجري التأمين المتبادل للحدود، على أن تبقى العروش لا تزول؟ أي وضع يمكن أن يخلق غطاءً وذريعة للنهب والاستبداد والاستعلاء أفضل من الاستعداد للمعركة الحاسمة؟!

لذا، فما قيمة تصفية حسابات في العراق مع البحرين عبر حركة "خائبة" كهذه وباسم الانتفاض من أجل فلسطين، أمام بشاعات ارتكبتها أنظمة ترى أنَّ بقاء الاحتلال يعني بقاءها؟!