بالأمس كنا

 

جابر بن حسين العماني

عندما نرى المجتمع بسلبياته وأخطائه نبدأ بالتفكير العميق في حال المجتمع سابقا كيف كان وإلى أين وصل.

عندما نجلس مع الآباء طالبين منهم إخبارنا بسيرتهم الاجتماعية والإنسانية وكيف كانوا بالأمس نرى أنفسنا مستأنسة بما نسمعه من أدبيات وأخلاقيات وقيم اجتماعية وإنسانية كان يؤمن بها المجتمع ويطبقها ولم يتخلى عنها كالتكاتف والتآزر والتعاون والمحبة والمودة بين أفراد المجتمع الواحد.

جمال القيم والمبادئ كانت متجلية وواضحة بين أفراد المجتمع الواحد بشكل أنيق وجميل وأصيل وهنا لا أقول أنّ المجتمع السابق الذي كان يمثله آباؤنا كان مجتمعا منزها عن الخطأ، فمن المحتمل إن كانت له أخطاء وسلبيات، ولكن ما أريد قوله فعلا أنّ مجتمع الأمس كان مطبقا للقيم والمبادئ محافظا على عاداته وتقاليده الأصيلة لا كما هو الحال اليوم!

* كنا بالأمس أطفالا إذا رأينا العالم نقبل جبهته وعمامته فهل عودنا أنفسنا وأولادنا اليوم على احترام العلماء؟

 * كنا بالأمس نهتم بدراسة القرآن الكريم، نتعلم الفتحة والضمة والكسرة والسكون وكيفية النطق السليم لحروف اللغة العربية فهل عودنا أبناؤنا اليوم على الاهتمام بكتاب الله؟

 * كنا بالأمس نسعى لزيارة المريض والاهتمام به، لانهدأ حتى يشفى من علته فهل نحن اليوم نمتلك تلك الروح الطيبة والبريئة تجاه مرضانا أم صرنا نكتفي بالسلام على المريض عبر مكالمة هاتفية أو رسالة نصية لا غير. 

* كنا بالأمس إذا اجتمعت الأسرة ينظر كل فرد منها إلى الآخر بالرحمة والرأفة والمحبة، الكل يتبادل أطراف الحديث والابتسامة تعلو وجوه الجميع فهل عودنا أنفسنا وأولادنا اليوم عند اجتماع العائلة بالنظر إلى وجوه بعضنا البعض بالرحمة والرأفة والمحبة أم اكتفينا بالحديث مع بعضنا البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

* كنا بالأمس بعد كل فريضة مكتوبة نقبل رأس أمهاتنا وآبائنا فهل نحن اليوم أيضا من المحافظين على هذه العادة الطيبة أم ابتعدنا نسبيا عن أمهاتنا وآبائنا وصرنا لا نراهم ولا نسمع أصواتهم إلا من خلال رسالة صوتية أو لقاء واحد في كل جمعة من كل أسبوع.

* كنا بالأمس نواظب على حضور المساجد والاهتمام بصلاة الجماعة مع آبائنا وإخواننا وأصدقائنا، يا ترى هل هذه العادة الجميلة لا زلنا نحافظ عليها أم جعلنا من صلاتنا فرادى في بيوتنا وبيوت الله تشتكي إلى الله من هجراننا إيّاها؟

من المسؤول عن فقدان الكثير والكثير من قيمنا الإنسانية والاجتماعية في الداخل الاجتماعي والأسري؟

ينبغي أن نعلم أنّ مشاكلنا الاجتماعية والأسرية لابد من السعي لإيجاد الحلول المناسبة لها من أجل تنظيم الأسرة والمجتمع، ومن أفضل تلك الحلول على الإطلاق هو المحافظة على المبادئ والقيم والتقاليد الدينية والإسلامية والاجتماعية من أجل ازدهار المجتمع ونجاحه وثباته.

ولكن على الرغم من ذلك كله فما يزال مجتمعنا غير مفلس من قيم الجمال والخير والإحسان والبر؛ فلذا علينا أن نحافظ على البقية الباقية، إن لم نعمل على تنميتها وتزكيتها.