اعتذار واجب لماسح الأحذية


تيسير حيدر | لبنان
أعْتذِرُ من ماسِحِ الأحْذِيةِ الَّذي صَبغَ حِذائي في الشَّارِع أمامَ دارِ المُعَلِّمين حيثُ كُنتُ أدْرسُ 1968م.
يُرَبِّتُ على حِذائي الهَزِيْل، الَّذي لم يَذُقْ طَعْمَ الدُّهانِ مُنْذُ عام!
يَغْسلهُ بالماءِ والصَّابونِ الفَوَّاح، وهوَ شارِدٌ في هَمٍّ آخَر!
يُنَشِّفهُ بمِنْدِيلٍ ذاقَ طَعْمَ ألوفِ الأحْذِيَةِ المُرَّة!
وَيَعودُ بالفُرْشاةِ نَهْشاً أخْذاً وَرَدّاً!
يُنَظِّفُهُ، ويَعودُ إلى الصِّباغِ الأسْود يَفْرشُهُ في كُلِّ أنْحاءِ حِذائي السَّعِيْد،بلَوْنِهِ الجدِيْد!!
وَأنا مُنْصَرِفٌ إلى تفْكِيْرٍ راقٍ!
<<كَيْفَ أسْمَحُ لِهذا العَجوزِ ان يَمْسَحَ أقْدامي ؟!>>
فَرْحتي لا تَكْتمِلُ، فَضَميري يَنْهَشُني تعْذِيْباً وجَلْداً !,
تنْتَهي الحَفْلةُ اللاَّهِيةُ المُحْزِنةُ على خَيْرٍ، أقْدامي جَدِيْدةُ البَسَمات، وَالشَّمْسُ تُداعِبُها!
وَاللِّينُ يُعانِقُ أصابعي!
وَرُبْعُ لِيْرةٍ لُبْنانِيَّةٍ سَمراء تنتَقِلُ من جَيْبي إلى ألْيَدِ الَّتي أُقِبِّلُها عن بُعْدٍ!
أشْكُرُ مَتاعِبَكَ يا سَيِّدي المَسّاح، وَأخْجَلُ من مِرآة شَمْسِ وَجْهِكَ السَّمْحاء!!!

 

تعليق عبر الفيس بوك