أحمد السلماني
قبل أكثر من شهر تقريبا، تلقيت دعوة كريمة من أحد الفرق الأهلية بالرستاق بمناسبة تدشين ملعبه المعشب، الاحتفالية على بساطتها كانت حبلى بالبهجة والفرحة، 3 أجيال كانت حاضرة، المؤسس وابنه وحفيده، واليوم يتمتع الناظر من الطريق العام بالمنظر المهيب والأنيق لفتية يصعب عدهم يركلون الكرة ويجرون خلفها في سعادة، فقد أنقذهم الملعب المعشب من أمراض العصر وما أكثرها اليوم.
هؤلاء يعيشون الفرحة وجيران لهم تنتابهم الحسرة والخوف من المستقبل المجهول، المساحة الصغيرة المتبقية لهم كمتنفس مهددة بعد أنّ تم الزحف حول الملعب من كافة اتجاهاته ما بين أراض زراعية وسكنية وتجارية ظهرت مؤخرا، بالرغم من أنّ الملعب موجود منذ 4 عقود كاملة إلا أن الغموض يكتنف المشهد العام من حيث منح هذا الفريق المشهر رسميا والذي يتبع ناديا بعينه الرسم المساحي وسند التملك لوزارة الشؤون الرياضية ليتمكن من تعشيبه وتكوين مقراته، واستثمار جزء من الأرض؛ بما يساهم في رفد موارده المالية التي كانت ولا زالت تعتمد على الهبات والإكراميات، بات كل ذلك حلما بالنسبة لشباب هذا الفريق، حلما يتوقد يوما ويضيء من وعد مسؤول ارتقى بوظيفته وتسامى لها ثم يخبو سنوات من قرار مسؤول آخر غير مبالٍ، فربما المنافع والمصالح المتشابكة هي ما تحرك الملف، وما بين هذا وذاك تعيش هذه الزمرة ولأجيال أربعة ما بين أمل وألم، وما بين خوف ورجاء واليوم يرون أنفسهم مضطرين إلى أن يرفعوا الأمر لولي الأمر في إيجاد حل جذري لأزمتهم.
أربعون عاما منذ أن تأسس هذا المعلب وعلى مدى عقدين من الزمان وشباب هذا الفريق وأهل البلدة التي يتبع لها يلهثون خلف سراب الرسم المساحي ولم يتركوا بابا إلا وطرقوه، بداية من الشيخ ثم النادي ثم الجهة الرياضية المسؤولة مرورا بدائرة الإسكان والمديرية والوزارة ذهابا وإيابا ونوقش لمرات عديدة تحت قبة مجلس الشورى وتدخل أعضاء المجلس البلدي وفي بعض الأحيان تم إرسال الملف وتجديده بالوثائق بعد فقده أكثر من مرة بقدرة قادر.
أدرك يقينا مدى الحاجة إلى خلق مخططات سكنية مع الزحف العمراني والإنفجار السكاني الهائل ولكنني أدرك أيضا أنّ الجهات المسؤولة لا بد لها وأن تضع في مخططاتها المرافق المجتمعية الضرورية من مدرسة ومسجد ومجلس عام وملعب ومتنفسات كلها تساهم وساهمت في خلق مخططات سكنية نموذجية وصحية وقد فعلت وتحسب حساب كل ذلك بعد الخبرة التراكمية طوال العقود الماضية.
دعم وتعاطف كبير من الأسرة الرياضية بالولاية التي يتبع لها الفريق خاصة من النادي كما وتحظى قضية هذا الملعب بعناية خاصة من معالي الشيخ وزير الشؤون الرياضية بعد إدراك الوزارة والجهات الرسمية الأخرى بالولاية أهمية هذا المتنفس الحيوي كونه يخدم 4 مخططات سكنية وشريحة مجتمعية واسعة.
إن شباب الفريق ثقتهم كبيرة في إيجاد حل جذري لمعضلة لا تحتاج كل هذا العناء والشقاء في ظل وجود حلول عديدة لدى وزارة الإسكان الموقرة.
الشباب تواقون لها فهم يتكلفون الكثير من أجل استئجار الملاعب كما والفريق هجره العديد من شبابه بعد أن انتشرت الملاعب الخضراء بالولاية وأكثر ما يؤرق شبابه وأهالي البلدة أنّ هذا الكيان الرياضي الثقافي الاجتماعي العريق مهدد بالزوال، فهل من منقذ؟!!.