حمود بن علي الحاتمي
انتهتْ مُشاركة مُنتخبنا الوطني لكرة القدم في بطولة كأس آسيا، وتباينت حولها الآراء؛ منهم من عدَّ الخروج من دور الستة عشر إِنجازا، ومنهم من قال إن ذلك لم يأتِ بجديد، نحن نخسر مباراتين، ونكسب مباراة مع أضعف فريق في المجموعة، وأنَّ أفضل مشاركة لنا كانت عام 2004، وما عداها مشاركات مخيبة للآمال.
ويتفاجأ الشارع الرياضي بخروج بيم فيربك من سدة الجهاز الفني لكرة القدم، وتدور مرة أخرى تباينات في الآراء، هل هي إقالة أم استقالة، مع أنَّ المدرب صرح بعد الخروج من كأس آسيا "تنتظرنا أعمال قادمة، دعونا ننام الليلة". هل كلمة أغبياء هي كلمة السر في الخروج، أم هناك أسباب أخرى، أم نسلم يقينا بسبب ظروفه الصحية حسب رواية الاتحاد العُماني بأهزوجة الظروف الصحية؟!
فيربك غادر السلطنة، وطُويت صفحة لم تدُم طويلا، لنتساءل جميعا: هل نحن حقًا بحاجة لمدرب أجنبي في ظل وضع كرة القدم العمانية وأنديتها؟ كم مدرب تمَّ التعاقد معه، وتمت الاستفادة الحقيقية من خبراته في تطوير كرة القدم؟
فرضًا لو تعاقدنا مع خيسوس البرتغالي، أو مارفيك الهولندي، هل سيصنع لنا كرة قدم حقيقية؟ وكم هي الأموال التي سنُنفقها عليه في ظلِّ تردي مسابقاتنا المحلية، وتدهور أنديتنا، وعدم استغلال وتوظيف مهارات لاعبي منتخباتنا السنية مع مدربين يتعلمون التدريب في هذه المنتخبات؟
مُشكلة كُرتنا العُمانية ليست مالية كما يظنها الجميع، إنما هي إدارية بحتة، تتمثل في عدم التخطيط السليم والتنفيذ الأمين لها، بدءًا من الأندية وانتهاءً بالاتحاد العماني، وما تحقق من إنجاز لا يتعدى اجتهادات وقتية، ليست هناك منظومة كرة حقيقية، وليس هناك تخطيط حقيقى يمكن مواصلة العمل عليه؛ فمع كل اتحاد نشهد تغييرًا في كل شيء، ويتم إيهام الشارع الرياضي بأنَّ هذا الاتحاد جاء ليقود الكرة للمستقبل الزاهر، وما هي إلا أشهر حتى نرى "تيتيتيتي كما رحت جيتي" "خزيمة أخت مقزح"، لا جديد يُذكر، ولا قديم يُعاد. ويتجرَّع الشارع الرياضي خسائر منتخباته بكل مراحلها، والخروج من الباب الخلفي من كل المسابقات، عدا كأس الخليج التي يُكرمنا الله بها كل ثمان سنوات جزاء صبرنا.
نحن لسنا بحاجة لمدرب للمنتخب الأول ومراحلنا السنية (مضروبة) كما يُشبِّهها المحلل الرياضي وليد الخفيف، أي لا تصنع لنا منتخبات قوية.. نحن بحاجة لخبير فني يتولى قطاع المراحل السنية، يتولى هذه المراحل جميعها: تخطيطَ مسابقاتها، وتنظيمها، والإشراف على مدربيها، والتخطيط لابتعاث اللاعبين الموهوبين للاحتراف خارجيا، والتعاقد مع مدربين لهم عين بصيرة وخبيرة وقادرة على التقاط مواهب كرة القدم وصقلها وتدريبها على أسس علمية، وليست اجتهادية كما يحدث اليوم.
نحتاج إلى منهجية واضحة في إدارة كرة القدم، والاستفادة من تجارب قطر واليابان في تكوين منتخبات قوية.. نحتاج إداريين يتحلون بالمسؤولية في تنفيذ ما يُخطط، وليست عنترية في الإعلام.. نحتاج إلى اتحاد يعمل بروح الفريق الواحد، وليس استقالات تتطاير من أروقته مع كل خلاف.. لا نحتاج إلى مدرب أجنبي ونعطي الثقة لمهنا العدوي ووليد السعدي مع وضع إستراتيجية حقيقية نتشارك فيها جميعا ونضع لها الأهداف والأسس ومراحل التنفيذ وتسخير الموارد...إلخ، وليست إستراتيجية مُعلَّبة مثل إستراتيجية الشفافية والواقعية التي لم نرَ منها شيئاً.
نحتاج إلى تنظيم مسابقات تخدم الكرة العمانية، مسابقات ترفد المنتخبات بلاعبين موهوبين، أما أن تعد الأندية فرقها السنية وتلعب المسابقات في شهرين وتغسل ملابسها للموسم القادم، فذلك يُعيدنا للوراء ولن نلحق بركب الكرة الأسيوية.
نحتاج إلى صناعة مدربين عمانيين لديهم الفكر الكروي المتجدد، وهذا لا يتأتَّى إلا بخطط واضحة المعالم وصقل مهاراتهم وتطوير خبراتهم ومعايشة مدربيين عالميين.. نحتاج إلى صناعة إدارة أندية تتمتع بالاحترافية، ودعونا من نغمة فقر الإمكانات، فقد أضحت مُملَّة.