صراع الرُّوح الرياضية

عائض الأحمد

نتشدَّق دائمًا بالروح الرياضية، و"خلي روحك رياضية"، ونردِّد كثيرا: "الرياضة فروسية وأخلاق"، و"تنتهي المنافسة بنهاية اللقاء".. كل هذا جميل جدًّا.

أما غير الجميل، أن كل هذه الفروسية تبدأ مباشرة مع نهاية كل لقاء؛ فتجد العجبَ العُجاب، الكل يتحدث، والكل يسب ويشتم، الكل يتحوَّل إلى أسطورة عصره: نقدا في هذا، وقدحا في ذاك، وكأنَّ الجميع اتَّفق على ساعة الصفر هذه، ولم يكن ينقُصها غير الأسلحة لشن الغارات وتفجير الجبهات.

كمُتَابِع وممارِس للرياضية، أعتقد أنها خرجت عن مسارها الحقيقي التنافسي الجاذب، وأصبحت منبرا لمن لا منبر له؛ لتغذية الشارع بمناوشات إعلامية ليس للرياضة علاقة بها، لا من قريب ولا من بعيد.

الجميع يُريد أن يخرُج فائزًا، الكل يتَّحد من أجل انتقاص العمل القائم، يريد أن يحظى بكل شيء، ويدع اللا شيء للبقية، ثم يُجنِّد كلَّ من هبَّ ودب وسار على "رجلين" لأن يقول القصائد العصماء مدحا وتجليا في هذا الفريق الذي لا يُقهر، ثم يقلب الصفحة كَذِبا وافتراءً، بما ينسجم وروحه الرياضية المريضة.

الفائز والخاسر على حدٍّ سواء.. فهذا وكأنه عمل الفاتحين، والآخر يندب الحظ ويهرف كمن أصابته الحمى فيقول ما لا يقال، والعالم يجتمع ضده متآمرين.

سنظلُّ مُتأخرين بهكذا تفكير.. الرياضة وروحها وعقلها أكبر من فوزك وخسارتي، فهل نَعقِل ذلك ونغيِّر مفاهيم جيلٍ بدأ يتسرَّب له هذا الفكر الشاذ الغريب؟

التعصُّب جميل، فمن الرائع أن تؤمن بما تُحب، ولكن عليك أيضا أن لا تُبغض من تكره؛ عليك بشأنك وترك شأن الآخرين لهم. فحُدودك مع من تتعصَّب له، وليس تجاوزًا على من تمقتُه وتتمنَّى خسارته.

يقولون: "تواضع عند الفوز، وتقبَّل الخسارة على أمل التعويض"؛ ففي الرياضة لن تجد خاسرًا دائمًا أو رابحًا دائمًا.. إنها أخلاق وأعراف الرياضة، ولن يشعر بذلك إلا مُمَارِس وليس مُتحدِّثا بارعًا مُحرِّضًا يُفسِد روحها، ويقهر متابعا ليس له إلا ولاء لهذا الفريق، ينتهي معه يومه بفرح انتصار أو حزن انكسار.

-----------------

ومضة:

الولاء والانتماء ليس خيارًا لك في كل مرة.

الأكثر قراءة