طالب المقبالي
شهد عشاق المسرح على مدى أسبوع حدثاً هاماً في ولاية الرستاق وهو الحدث الأوَّل من نوعه على مستوى الوطن العربي، مهرجان الرستاق العربي للمسرح الكوميدي في دورته الثانية والتي سُميت بدورة سالم بهوان والتي جاءت تكريماً للدور الفني الذي قام به هذا الفنان من خلال مسيرته الفنية الطويلة.
المهرجان نظمته فرقة الرستاق المسرحية وقد أقيم على مسرح كلية التربية بالرستاق. ونستذكر كلمة الفنان محمد بن خميس المعمري رئيس فرقة الرستاق المسرحية التي ألقاها في حفل الافتتاح والغنية بالمعلومات عن المسرح وعن فكرة تنظيم مهرجان الرستاق العربي للمسرح الكوميدي والتي قال فيها:
على مر الحضارات وتعاقب الأمم ما زال المسرح منصة الشعب وصوت النَّاس يعبر عن قضاياهم ويملأ وقت فراغهم ويستعرض مواهبهم ومهاراتهم من خلال أشكاله المتنوعة وصوره المُتجددة ما بين الملهاة والمأساة، وما بين الأداء الفردي والجماعي، فعلى الخشبة ينبعث الفن حياً ويتجسد النص روحاً بدون خدع الكاميرات ولا انتقاء المواقع وهكذا يبقى المسرح الفن الحي والمشهد المُباشر بين الفنان وجمهوره.
ويقول محمد المعمري مُخاطباً الجماهير الكبيرة التي غصت بها قاعة الرستاق بكلية التربية بالرستاق والتي لم تتسع لجميع الجماهير التي حضرت والتي تتحين الفرصة لدخول القاعة رغم كبرها واتساعها، فيقول: نحن هنا اليوم نجدد اللقاء وللمرة الثانية على التوالي في مهرجان الرستاق العربي الكوميدي في نسخته الثانية، وما ذلك إلا إيمان وإصرار من فرقة الرستاق المسرحية لتضع ولاية الرستاق والسلطنة كبقعة مضيئة في خارطة المسرح العربي والمسرح العالمي عمومًا، فرغم التحديات إلا أن هذه الفرقة أبت إلا أن تجمع الفرق المسرحية العربية هنا لتقدم لوحة كوميدية بعروضها المتميزة فترسم البسمة وتشيع روح الفكاهة المطعمة بهموم الناس واهتماماتهم على هذه الخشبة.
وأضاف الفنان محمد المعمري قوله: لقد أطلت علينا نجوم ما زالت تشع فناً وريادة وهم وإن غابوا عنَّا جسداً فما زالت إبداعاتهم تلهمنا وتستقطب الكثير من المُتابعين والمشاهدين، ولأنَّ الوفاء لمثلهم حق ولأنهم رواد الفن فإنَّ مهرجاننا اليوم يحمل في دورته الثانية اسم الفنان العماني الراحل سالم بهوان، كما أن الخليج أسرة واحدة وكتلة واحدة ولذلك كانت هناك جوائز باسم الفنان الكويتي الكبير عبدالحسين عبد الرضا وجائزة أخرى باسم الفنان القطري الكبير عبدالعزيز بن جاسم رحمة الله عليهم فقد ظلوا ينابيع إلهام فني يُغذي الساحة المسرحية والفنية عموماً.
وكلمة حق تُقال فإنَّ فرقة الرستاق المسرحية قد نجحت في وضع أولى الخطوات للاهتمام بالمسرح الكوميدي من خلال تبني مهرجان الرستاق العربي للمسرح الكوميدي الذي استقطب صناع هذا الفن من الدول العربية والخليجية.
والزائر لكلية الرستاق خلال أيام المهرجان قد يتبادر إلى ذهنه أنه في القاهرة بجمهورية مصر العربية، أو في مدينة قرطاج بالجمهورية التونسية التي تحتضن الفن والفنانين الكبار.
فقد كان للرستاق حضور في عالم الفن المسرحي، وها هي تضع نفسها على خارطة الفن المسرحي في الوطن العربي كإحدى المدن التي سيذكرها التاريخ في هذا المجال، وليس هذا بغريب على ولاية الرستاق ذات المكانة التاريخية الضاربة في القدم والتي كانت عاصمة لعُمان في عهود مضت.
ولم يكتف المنظمون لهذا المهرجان بالمشاركة بالمسرحيات الكوميدية، وإنما اشتمل برنامج المهرجان على العديد من الفعاليات الثقافية والسياحية ومختلف الفنون.
ولعل معرض جماعة التصوير الضوئي بالرستاق الذي صاحب حفل الافتتاح كان الأبرز حضوراً، حيث احتوى المعرض على 35 لوحة فنية كفعالية مصاحبة للمهرجان بعنوان (الرستاق عبر الزمان) وقد أبرز المعرض معالم ولاية الرستاق بسلطنة عُمان التاريخية والثقافية والحضارية والإنسانية.
كما يعتبر المعرض حصيلة مسابقة تنافس فيها مجموعة من المصورين الضوئيين المحترفين والهواة وفناني الفياب بالولاية وخارجها، بالإضافة للمصورين القدامى الذين التقطت عدساتهم صوراً رائعة لولاية الرستاق ومعالمها وصوراً لقلعة الرستاق قبل ترميمها وبعده، ولقلعة الحزم وحصن المنصور، وصورا أخرى للمناطق والفعاليات، والصور الحديثة وصورا جوية لأبرز الأماكن السياحية.
كذلك صاحب المهرجان ورشتان، كانت الأولى في إعداد الممثل الكوميدي قدمها العراقي الدكتور كريم خنجر، والثانية في البانتومايم قدمها التونسي الدكتور خالد أبوزيد، وقد حضر الورشتين عدد كبير من أعضاء فرقة الرستاق المسرحية والفرق الأخرى المشاركة في المهرجان.
وقد أبت فرشاة الفنان سالم السلامي إلا أن تضع بصمتها في هذا المهرجان من خلال فقرة رسم الفنانين الثلاثة الراحلين، وهي عبارة عن مادة فلمية مصوّرة في إحدى الواحات الزراعية بقرية الوشيل إحدى القرى المعروفة بولاية الرستاق، الفيلم حمل عنوان "للحُب بقية" قام من خلالها الفنان التشكيلي سالم السلامي برسم ثلاث لوحات تجسد ثلاثة من عمالقة الفن الدرامي والمسرحي (سالم بهوان وعبد الحسين عبد الرضا وعبد العزيز الجاسم) الذين غيَّبهم القدر ورحلوا عن عالمنا تاركين وراءهم حب الجمهور.