مقترح لتطوير الخدمات الحكومية

 

 

خلفان الطوقي

 

معظمنا يذهب إلى إحدى الجهات الحكومية لإنهاء معاملة أو عدة معاملات خدمية بين وقت وآخر، وفي أحيان كثيرة يصادفك موظف حكومي وينهي لك المعاملة بكل سهولة ويسر، ولكن وفي أحيان أخرى تقابل موظفا أو موظفة يتعبك بل ويحبطك بسبب أنه يحسسك أنّك قادم من كوكب آخر، وأنّ هذه المعاملة مستحيلة التنفيذ أو غريبة الحدوث، ومن الممكن أن يقول لك إنّ هذه المعاملة لم تحدث من قبل ولن تحدث من بعد، وحتى رئيس القسم أو المدير الأعلى مني لن يستطيع مساعدتك، وما عليك إلا أن تطلب موعدا مع رئيس الوحدة وهو معالي الوزير. وفي هذه الحالة ستتوافر لديك ثلاثة خيارات؛ إمّا أن تطلب العون من معارفك لتوفير الدعم الفوري "الواسطة" أو تذهب لطلب الموعد من مكتب معاليه أو تعود من حيث أتيت، وكما يقال بخُفي حنين مليء بالحسرة والإحباط والسلبية لتنقلها للمجتمع في مجالسه الواقعية أو تنقلها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحديث.

هذا السيناريو يتكرر في أحيان كثيرة لدرجة أنّ هناك من يقول لن أذهب لأداء خدمة حكومية ما لم يكن لديّ أحد يساعدني فيها، بالرغم من ذلك، فبكل تأكيد يمكن تقليل مثل هذا الحالات وتفادي أجوبة بعض الموظفين وحتى المسؤولين التي تؤدي إلى الإحباط والتوهان وعدم الثقة بين المراجعين والجهات الحكومية خاصة الخدمية منها، ولتفادي ذلك فإنّه لديّ مقترح وهو عبارة عن تصميم "دليل استرشادي" لكل موظف حكومي، يضم هذا الدليل الإجراءات المتبعة عند كل معاملة، ويجيب هذا "الدليل" على كل الأسئلة التي قد تخطر على المراجع وآلية التصرّف عند كل سيناريو، وليس بالضرورة أن يضم هذا الدليل المعلومات عن كل المديريات والأقسام التي في الجهة الحكومية ككل، وإنّما يضم المعلومات التي تخص القسم أو الدائرة التي تخص أو ينتمي إليها الموظف، ولكي يكون هذا الدليل الاسترشادي حيويا وجوهريا وديناميكيا، يمكن للدائرة مراجعته وتقييمه كل ثلاثة أشهر من خلال اجتماع أو ندوة مصغرة أو جلسة عصف ذهني يتم فيها تحليل تفاصيله وإضافة طرق مبتكرة لتطوير هذه الإجراءات كلما دعت الحاجة لذلك، وتوزيع المتفق عليه من الآليات الجديدة على كل الموظفين من خلال الشبكة الإلكترونية الداخلية المسماة الانترانت (intranet)، ولتفادي المصاريف للأوراق وغيرها يتم إضافة كل ما هو جديد إلكترونيا بحيث تتم الاستفادة من التكنولوجيا في أقصى حدودها.

إذا تمّ تبني هذا المقترح فإنّ مؤسساتنا الحكومية ستستفيد من الموارد التي قد تضيع بدون فائدة تذكر، وسوف تستفيد من الحد الأقصى للموظفين، ولن يكون هناك مجال للموظف المعرقل والكسول التهرب من مسؤوليته الملقاة على عاتقه، بل وستخلق للموظف ولاءً إضافيا للإنتاجية والاستفادة من أفكاره لتطوير العمل مستقبلا، أضف إلى ذلك ستعود الموظفين على العمل بمنهجية مؤسسية تساعد على تقييم كفاءة العمل وتساعده على كيفية تطوير العمل مستقبلا، وستقلل بنسبة عالية القرارات الارتجالية أو العشوائية أو الشخصنة وغيرها من الاجتهادات أو ردات الفعل غير المدروسة، فمن خلال وجود دليل عند كل موظف سوف يسهل تقييمه وتقييم القسم أو الدائرة وحتى المديرية وسيسهل معرفة الخلل أو أوجه القصور أن وجد ومن المسؤول عنه،  الدليل الاسترشادي سوف يمكن العاملين من تطوير هذا الدليل بشكل دوري وتجديده ورفع توصيات لتغيير بعض القوانين والتشريعات لتتلاءم مع سرعة المتغيرات داخليا وعالميا، وفوائد كثيرة لا يكفي لهذه المقالة حصرها.

يبقى هنا أن أشير ومن باب التوضيح أنني لا أتحدث عن اللائحة الداخلية والتي يملكها المديرون أو رؤساء الأقسام فقط، إنّما أتحدث عن دليل استرشادي سهل وعملي "خطوة خطوة" يملكه كل موظف مهما كانت وظيفته ليكون ملما بكيفية الإجابة عن كل سؤال يخطر في بال أي مراجع، ويضم آلية التصرف عند كل سيناريو التي سوف توسع مداركه وتحمله مسؤولية الإنتاجية والولاء والتركيز في مضاعفة جهده والتدريب على التفكير التحليلي وابتكار حلول لأي سيناريو وكيفية مواجهته قبل أن يقع، وأتوقع أنّ المقترح لو طبق سوف ينقل خدماتنا الحكومية نقلة نوعية، وسيرغب الموظفين على التطوير المستمر وعدم الاكتفاء بما هو موجود بل بالتفكير والتنفيذ خارج الصندوق التقليدي مما يجعل تطبيقاتهم وحلولهم المقدمة أسرع بكثير من تطلعات المراجعين وبأشواط شاسعة، وبتطبيق هذه الفكرة كأننا نقول "يكفي تضييع الوقت والجهود والفرص" وعلينا أن نقوم بكل ما هو لازم وممكن من مبادرات خلاقة وحلول عملية لتتقدم بها عمان وتكون في مقدمة الركب العالمي وفي العلالي دومًا بإذن الله.