مقترحات للمركز الوطني للتشغيل

 

 

خلفان الطوقي

 

وها نحن نبدأ عام 2019 متأملين أن يحمل في طيّاته الأمل وبشائر الخير ومزيدا من البركات لعماننا الغالية، وأتت أوائل قرارات مجلس الوزراء الموقر هذا العام بإنشاء المركز الوطني للتشغيل، الذي كان أحد مخرجات مختبرات "تنفيذ" وقد استبشر بهذا المركز الكثير من المتابعين والمغردين، ورأوا فيه الأمل المرتجى والحل الأنجع لمعضلة التوظيف والباحثين عن العمل.

وهناك وكالعادة هناك من شكك فيه وبرهن أنّه هيئة جديدة مقيدة الأيادي والأرجل وفاعليتها سوف تكون محدودة للغاية ولن تقدم حلولا جذرية بل مهدئات وترحيل لب المشكلة لبعض الوقت. فهناك من قام بالاجتهاد وإنشاء الهيكل التنظيمي حسب ما يراه مناسبا، لدرجة أنّ هناك من روّج لأسماء مجلس الإدارة واسم المرشح لرئاسة منصب الرئيس التنفيذي الجديد، وفي ظل الكم الهائل لهذه التجاذبات والحالة الصحية (مع أو ضد) المركز الوطني الجديد وتفاعلهم مع الخبر، فإنّ ذلك يدل على الآمال التي يحملها المركز ولربما يستطيع أن يحل أهم موضوع يشغل المجالس العمانية من مسؤولين حكوميين أو أصحاب شركات أو أفراد مستقلين، ويساهم في التكامل والتجانس مع باقي الجهات الحكومية المعنية بالملف الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

ولإيماني الراسخ بضرورة تفاعل المواطن بشكل إيجابي مع أي مبادرة ناجحة أو خطوة جديدة قد تسمو بحياة المواطن أو المقيم أو الزائر، فكان لابد من التعاطي الفعّال بتقديم بعض الأفكار التي قد تكون مفيدة لفاعلية المركز الجديد بدلا من رسم صورة قاتمة أو إطلاق أحكام مسبقة بالفشل.

ومن باب تقديم المقترحات أرى أنّ المركز لكي يكون فعّالا وفاعليته تكون مستدامة، فلابد له أن يركز على نقاط أساسيّة، منها: العمل بشكل متكامل ومكثف مع وزارة القوى العاملة وشرطة عمان السلطانية لتطوير حزمة القوانين التي تخص العمالة الوطنية والوافدة؛ كالعمل على موضوع الحد الأدنى للأجور، خاصة للدبلوم والبكالوريوس، وأن تتواصل مع لجنة الاستثمار واللجنة الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة لتتعرف على طلبات القطاع الخاص والتحديات التي تواجههم والمساهمة الحقيقية في حلحلتها، وأن تستمع بشكل جدي للهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات "إثراء" وأن تعمل مع فرق العمل المعنية بجذب الاستثمار المباشر إلى السلطنة وتطبيق كل الأفكار والخلاصات التي توصلوا إليها في السابق ولم تنفذ لسبب أو آخر وإحياء الممكنات التي تجذب العملة الأجنبية "الصعبة" إلى السلطنة، ومسانداتهم لرفع التوصيات والدراسات السابقة التي قاموا فيها وواجهت تحديات في تنفيذها على أرض الواقع، والتواصل مع مجلس التعليم ليحيي الهوية الجديدة للتعليم والتدريب المهني، فلا يمكن التركيز على الشهادات الأكاديمية العليا وإهمال التدريب المهني الذي يعتبر الجوهر الأساسي لحل مشكلة الباحثين عن العمل التي اتجهت بعد دراسات مستفيضة إليها الكثير من الدول المتقدمة والنامية.

ليس هذا فقط، وإنّما التواصل مع البنك المركزي العماني ومجلس محافظي البنك المركزي العماني لمراجعة القوانين المتعلقة بالاقتراض وجدولة الديوان وتجديدها بما يتلاءم والمتغيرات الاقتصادية المستمرة وخاصة للمؤسسات التجارية بغض النظر عن حجمها خاصة أنّها المحرك الأساسي لعجلة دوران رأس المال محليا، والتعاون مع وزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية وأمانة الضرائب والهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة" وكافة الصناديق الممولة لها، وإيصال رسالة مهمة وهو أنّ العبرة ليست سرعة فتح نشاط تجاري وإنّما العبرة باستمرارية هذا النشاط أو ذاك وتوسعهِ، على أن يكون الهدف هو رصد التحديات التي تواجه بيئة الأعمال المالية الحالية، وجعلها بيئة جاذبة للمستثمر المحلي والمستثمرالخارجي والتحاور معهم بشكل مستمر، خاصة وأنّ العالم يمر بمنعطفات حادة قد تؤدي إلى موت كثير من المؤسسات التجارية.

أضف إلى ذلك ضرورة الرجوع إلى تقارير وحدة دعم التنفيذ والمتابعة والاستفادة من الخلاصات التي توصلوا إليها والتكامل مع جهودهم والدفع بهذه الجهود إلى الأمام والاستفادة من تجربتهم والتعلم مما قاموا به "حلوه ومره"، والبناء على ما قاموا به، خاصة وأنّ هذه الوحدة ركّزت على دعم خطط التنويع الاقتصادي وتسريع تنفيذ الخطط الخمسية التاسعة.

يمكن لهذا المركز الوطني الجديد القيام بدور فعّال شريطة التعاون والتكامل والانسجام والانصهار معه وتمكينه والابتعاد عن عقلية الكيانات والإمبراطوريات المستقلة، وأنّ كل وزارة أو هيئة حكومية هي مملكة في حد ذاتها همها التوسع أو الاستقلالية المعرقلة لباقي الجهود، والكل اتفق في وسائل التواصل الاجتماعي أنّه إذا لم يحصل هذا المركز أو أي وحدة حكومية كوحدة دعم التنفيذ والمتابعة على الدعم والمساندة من مجلس الوزراء الموقر، وكل جهة استمرت في العمل بشكل مستقل وأحادي ودون تكاتف وتكامل مستمر، لن تحقق النجاح المأمول ولن تصل إلى الهدف المنشود، وهو توسعة مساحة الاقتصاد العماني ودعم القطاع الخاص في التوسع والازدهار، وتلقائيا سوف يخلق ذلك وظائف نوعية جديدة للعمانيين.. وغير ذلك، سنرحِّل المشكلة شًهرا بعد شهر، حتى ولو تم إنشاء عشرات الكيانات والمراكز واستحداث البرامج الحكومية الجديدة.