"تنفيذ" يظهر من جديد

خلفان الطوقي

برنامج "تنفيذ" هو البرنامج الوطني الذي يهدف إلى التنوع الاقتصادي وعدم الاعتماد على النفط والغاز فقط، وتشرف عليه وحدة دعم التنفيذ والمتابعة التابعة لديوان البلاط لسلطاني بالرغم من استقلاليته الإدارية والمالية، وأنشئت الوحدة بموجب مرسوم سلطاني في شهر أكتوبر من عام ٢٠١٦م يترأسه رئيس برتبة وزير بموجب مرسوم سلطاني أيضا وصدر المرسومان بنفس التوقيت اي قبل حوالي سنتين وشهر كامل وعدة أيام، تخلل تلك الفترة مختبرات عديدة امتدت لستة أسابيع لبعض القطاعات التجارية المعول عليها تحقيق هذا التنويع، تبعها بعد فترة من الزمن عقد عدة مختبرات لباقي لقطاعات الأخرى كالثروة السمكية والتعدين، شارك في هذه المختبرات مئات من العمانيين الأكفاء من القطاعين العام والخاص، واتفقوا أو توافقوا على عدد من المبادرات لتنفيذها تجاوزت ١١٠ مبادرة في مختلف القطاعات وفي عدد من محافظات السلطنة، وشاركت في تنفيذها عدة جهات حكومية وقطاع خاص بعد أن تعهد رؤساء الوحدات من الوزراء بتنفيذ هذه المبادرات أمام حفل بهيج حضره أكثر من ٥٠٠ شخص ونقل مباشرة في وسائل الإعلام المختلفة.

كانت تلك نبذة مختصرة لهذا البرنامج الوطني الهام، وإحقاقا للحق فإن البرنامج ليس كما هو معنون في المقالة، فقد قام بتنفيذ عدد من البرامج والمبادرات وأصدر عدد من التقارير بالتعاون والتكامل مع الجهات الحكوميّة الخدمية المختلفة، بعض هذه المبادرات لم ينفذ لسبب أو لآخر، وبعضها في طور التنفيذ، لكني أجزم بأن الكثير من التجار والرؤساء التنفيذيين والمديرين في القطاع الخاص لا يعلمون عن هذا البرنامج لأسباب كثيرة أهمها لقلة المتابعة أو الانشغال بالعمليات التشغيلية وبعضهم يصدر أحكاما مسبقة دون التحقق بعدم الجدوى لأي برنامج حكومي أو لعدم استطاعة وحدة دعم التنفيذ الوصول إلى كل الشرائح التجارية لدرجة أن بعض المشاركين في المختبرات أصبحوا غير متابعين لبرامجه ومبادراته.

كتابة هذه المقالة تأتي تلبية لعدة أهداف أهمها أنّ مولانا المعظم السلطان قابوس - حفظه الله ورعاه وأطال في عمره - أصدر مرسوما سلطانيا الأسبوع الماضي تحديدا بتاريخ ٢٩ نوفمبر ٢٠١٨م يخول لمعالي وزير البلاط السلطاني الموقر بإصدار اللائحة التنفيذية القرارات لعمل الوحدة، ومن ضمن الأهداف أيضا تسليط الضوء على أهمية عمل الوحدة والتعريف بها بشكل إضافي خاصة أنني كتبت ٨ مقالات سابقة عن هذا البرنامج الوطني حتى قبل إنشاء الوحدة وحتى قبل إقامة المختبرات في أرض الواقع إيمانًا مني بأنّها تحمل آمالا وطموحات يتطلع إليها - ليس كل تاجرا فقط- بل كل مواطن ومقيم، وتكملة للأهداف أرى أنّ عمل الوحدة  أو الهدف من إنشائها هو لرصد المعيقات في سلسلة الإجراءات وتطويرها وتجديد تشريعاتها وتحديد الجهات التي تعطل إنجاز المشاريع وأسبابها وكيفية تجاوز ذلك من خلال التكامل والتنسيق الحكومي وشبه الحكومي، واستبدال المعيقات إلى ممكنات أو مسهلات إن صح لنا أن نسميها بهذه التسميات.

وجود هذه الوحدة الآن وضرورة تمكينها وتفعيلها أصبح في غاية الأهمية خاصة إذا تم ربطها بالمكتب الوطني للتنافسية الذي مكن السلطنة من خلال تكثيف وتكامل الجهود الحكومية بين ١٧ جهة حكومية التقدم هذا العام ١٤ مركزا لتكون في المرتبة ٤٧ بعدما كانت في المرتبة ٦١ في العام الماضي ٢٠١٧م فيما بين ١٤٠ دولة حول العالم، والأهمية تكمن أيضا في ربط عمل الوحدة الحالي بالأهداف الـ١٧ للتنمية المستدامة ٢٠٣٠ التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة في عام ٢٠١٥م، وأخيرًا الارتباط الوثيق بين الوحدة ومكتب رؤية عمان ٢٠٤٠ الذي يرتكز على ثلاث محاور تتشابك وتتشارك مع أهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠ والمنتدى العالمي للتنافسية إلى حد كبير.

ولضمان نجاح اي وحدة أو برنامج أو مبادرة حكومية لابد من التفاعل المجتمعي معها، ومن خلال هذا المقال اقترح لها خطة تواصل مستمرة بكافة الطرق التسويقية التقليدية ومن خلال وسائل الإعلام الحديث والتطبيقات العصرية ومع كل المعنيين stakeholders وخاصة شركات القطاع الخاص والتعريف بأهم أعمالهم وكيف للآخرين أن يستفيدوا من هذه الخدمات، وقبل هذا كله منحها الصلاحيات والمساحات الكافية للتحرك والتنفيذ والإشراف والتقييم ورفع تقارير المتابعة لمعرفة أين أماكن الإنجاز وأين أماكن الخلل والضعف واقتراح علاجها وفق جدول زمني قياسي، تحقيقا لإنجازات سريعة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠ والسباق الماراثوني للمنتدى العالمي للتنافسية ورؤية عمان 2040.