طالب المقبالي
استكمالاً للمقال الماضي، وفي رأيٍ آخر حول قضية الدروس الخصوصية، يقول أحد التربويين مُبتدئاً حديثه بالسؤال: ما هو واقع الدروس الخصوصية؟ الدروس الخصوصية أصبحتْ أمراً واقعيًّا رغم انتقاد البعض لها، إلا أنَّها موجودة، وهناك عدد كبير جداً من أولياء الأمور والطلاب ممن يشجِّع عليها، ويتعامل معها، حتى من فئة التربويين ممن يُرسِل أبناءه لهذه الدروس الخصوصية، هذا جانب، والشيء الآخر هو: هل أصبحتْ الدروس الخصوصية ضرورية؟ ولماذا يلجأ إليها الطالب وولي الأمر؟ أعتقد أنَّ البعض ينظُر إليها على أنها ضرورية ومُهمَّة، ويلجأ إليها الطالب أو ولي الأمر إما لتحسين المستوى الدراسي لدى ابنه، أو لزيادة المستوى التحصيلي للطالب خاصة في الصف الثاني عشر.
وما هي أكثر المواد الدراسية تدريساً بالنسبة لهذه الدروس الخصوصية؟ أكثر المواد الدراسية انتشاراً هي مادة اللغة الإنجليزية، والأسباب معروفة؛ ومن ضمنها: عدم كفاية الحصص المدرسية لتعليم هذه المادة في المدارس الحكومية، والشيء الآخر: عدم معرفة ولي الأمر باللغة الإنجليزية. هل هناك قانون يُجرِّم الدروس الخصوصية؟ إلى الآن، لا يوجد قانون يجرم هذه الدروس الخصوصية؟ ما هي إيجابيات هذه الدروس الخصوصية؟ الإيجابية الوحيدة هي زيادة المعرفة وتحسين المستوى الدراسي والتحصيلي عند الطالب، لكن بالنسبة للسلبيات فهي أكثر، أولاً: وجود الدروس الخصوصية أوجَد فوارق في المجتمع بين المقتدِر وغير المقتدر؛ بعكس التعليم الحكومي الذي شمل جميع الفئات، الشيء الآخر: اعتماد الطالب بشكل كلي على الدروس الخصوصية لفهم المادة، وهذا شيء ملاحَظ؛ وبالتالي نجد أنَّ بعض الطلاب لا يعيرون الحصة في المدرسة الحكومية ذلك الاهتمام؛ لأنه يعتقد أنَّ الفائدة أو المعلومة يُمكِنه أخذها في الدرس الخصوصي، ويعتقد أنَّ الدرس الخصوصي غطَّى على مُتطلبات المادة. ومن ضمن السلبيات أيضاً: إرهاق كاهل ولي الأمر بالمصاريف، خاصة مع تعدد الأبناء وتعدد المواد التي يدرسونها.
في المقابل، شكَى لي أحد أولياء الأمور بأنَّ لديه خمسة طلاب من أولاده، وهو يعاني معاناة كبيرة من الدروس الخصوصية من النواحي المادية والمعنوية، وقد استوقفني حديثه عن ابنه الذي يدرس بالصف الثاني عشر، الذي قال له المعلم إذا أردت أن تنجح فعليك بأخذ درس خصوصي.
وهذا المواطِن يشكُو الأمر إلى وزارة التربية للحد من هذه الظاهرة؛ حيث يُوجد مستفيدون استقدموا مُعلِّمين وافدين مُتخصِّصين للعمل كمدرسين خاصين لمواد الإنجليزي والرياضيات والفيزياء والكيمياء، وتمَّ استئجار شُقق لهم لهذا الغرض، وهناك طوابير من الطلاب على هذه الشقق، ينتظرون الدور لأخذ الحصة بواقع 5 ريالات للساعة الواحدة.
ويقول آخر: الدرس الخصوصي مُفيد للطلاب ذوي صعوبات التعلم؛ إذ يجد الطالب الاهتمام الخاص الذي يحتاج إليه، والذي يفتقده في الصف الدراسي الرسمي، خصوصاً في الصفوف ذات الكثافة الطلابية.
أما سلبيات الدروس الخصوصية، فقد أصبحت عاملاً اجتماعيًّا يدخل في إطار المباهاة، وهناك أولياء أمور يبتعثون أولادهم إلى بريطانيا لدراسة اللغة الانجليزية على حسابهم الخاص في الصيف كجانب اجتماعي وكتفاخر، ويعود الابن كأنه لم يذهب دون أي تحصيل.
كما يقُول أحد المتحدثين إنَّ الدروس الخصوصية ضرورية في مستوى مُتقدِّم من الدراسة، وحبَّذا لو تكون منظمة من قبل المدرسة نفسها؛ فيتم ترشيح نُخبة من المعلمين لإعطاء دروس التقوية أو جهة إشرافية كمعاهد التدريب؛ بحيث يُضفي عليها الجانب الرسمي ويراعَى فيها الجانب الاحترافي، كما يمكن لولي الأمر الاستغناء عن الدروس الخصوصية والتعويض عنها بالدروس المجانية المنتشرة على موقع اليوتيوب (قنوات، ومقاطع مرئية تعليمية في شتى المواد)؛ حيث يستطيع ولي الأمر الاستفادة منها لتلقينها إلى أبنائه أو حتى الطلاب مباشرة.
خُلَاصة القول: إنَّ الدروس الخصوصية أصبحتْ مهنة أو حرفة تُدرُّ أموالاً طائلة على مُمَارسيها؛ فإذا ما أردنا أن نقِيس مدى الإنفاق على الدروس الخصوصية، وقياس الأموال التي تُدرها على المعلمين الخصوصيين، فإن أقل سعر للحصة الواحدة خمسة ريالات، فولي الأمر سيُنفق في اليوم 15 ريالاً لثلاثة من أبنائه بإجمالي 450 ريالاً في الشهر. وفي المقابل لو قدرنا أن المعلم الواحد يعمل عشر ساعات يوميًّا، فإنه يكسب في اليوم خمسين ريالاً، وفي الشهر 1500 ريال، وغالبية المعلمين هم من المُرافقين لزوجاتهم المعلِّمات، أو العاملات في المؤسسات الأخرى، وبعضهم مُعلِّمون من جنسيات مختلفة، وقليلٌ منهم عُمانيون.