السنيدي على صواب

 

طالب المقبالي

 

عندما ضج وثار البعض ضد جزئية لا تساوي شيئاً بمقياس الحقائق التي ذكرها معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، في اللقاء الذي أقيم الأسبوع الماضي في القاعة الكبرى بمركز جامعة السلطان قابوس الثقافي فإننا ندرك أنّ الأنظار تتجه دوماً إلى صغائر الأمور وتحويلها إلى قضية رأي عام وتأجيج المجتمع حيالها وإن كانت لا تستحق كل هذه الضجة، في الوقت الذي نتناسى فيه الحقائق التي ذكرها معاليه عن واقع الحال والحقيقة المرة التي يجب أن نعيها جميعاً، وأن نوجد لها المناخ الذي يلائم تطورها وتناميها.

كان هذا اللقاء الذي يحمل العنوان "أين وجهة الاقتصاد العماني؟" قد أعد له منذ بداية عام 2018، فكان حري بنا أن نركز عليه وعلى مضامينه، وأن نُسلط الضوء على الحقائق التي أوردها معاليه في خطابه الهام والشامل، وتناول فيه الأبعاد التي يراها معاليه من واقع خبراته، ومن واقع المسؤولية الكبرى المنوطة به في هذا الشأن.

فمعالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة رجل المهام العظام يحمل على عاتقه مسؤوليات عظام أوكله بها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- ونحن نؤمن بنظرة صاحب الجلالة حفظه الله الصائبة التي مكّنت هذا الرجل من تولي عدة مناصب مرموقة في الدولة.

فالسنيدي ليس فقط وزيراً للتجارة والصناعة فحسب، وإنّما نائب لرئيس المجلس الأعلى للتخطيط الذي يرأسه جلالته، فمعنى ذلك أنّ السنيدي نائب لجلالته في هذا الأمر، وهذا منصب لا يعُطى جزافاً لمن لا يستحقه.

ومعاليه يشغل حالياً رئيس مجلس إدارة الشركة العمانية للتنمية السياحية عمران، كما يشغل رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأيضاً رئيس مجلس إدارة صندوق الرفد، وكذلك يشغل عضو مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة، وعضو مجلس الصندوق الاحتياطي العام للدولة، وجميع هذه المناصب بتكليف سامٍ من لدن جلالته- حفظه الله-. كما عمل معاليه وزيراً للشؤون الرياضية ورئيساً للجنة الأولمبية العمانية سابقا.

إنّ رؤية جلالته الثاقبة والتي خططت لعمان طوال مسيرتها على مدى 48 عاماً من عمر النهضة المباركة وقادها جلالته- أعزه الله- بكفاءة واقتدار، حوّلت بلادنا إلى مثل يحتذى به في كثير من المجالات، وبناء على ما سبق فنظرة جلالته لشخص كالسنيدي في محلها بلا أدنى شك، حتى يتولى جميع هذه المسؤوليات والمهام.

فما أثير ظلما وبهتانا من أنّ معاليه "قلل" من شأن الجامعة وشهاداتها، ومن شأن سعادة الدكتور رئيس جامعة السلطان قابوس أمر خاطئ تماما، إذ أنّ معاليه كان يسوق مثالاً من باب الدعابة، وهذه جبلة كل العمانيين، وكان معاليه يشير إلى سعادة رئيس الجامعة الذي يجلس بمواجهته في الصف الأمامي، وكان سعادته يرد على الابتسامة بالابتسامة، وسعادته يدرك تماماً ما يعنيه معاليه وما يرمي إليه، وأنه لا يعني التقليل من شأن الجامعة وشأن الشهادة الجامعية، ولا يقلل من شأن رئيس الجامعة، والدليل على ذلك قول معاليه "لا تسيئوا فهمي ما في شك أنّ الشهادة مهمة خاصة للمتخصصين لكن هي ليست كل شيء، هي واحدة من العوامل التي تساعدك على النجاح".

ولو رجعنا بالذاكرة قليلاً إلى العام 2010 في 2 ديسمبر في الزيارة التاريخية السامية التي تحتفل بها الجامعة كل عام، عندما ألقى جلالته خطابا أمام الطلبة وكان من بين الخطاب قول جلالته: "الواحد عندما يخرج من الجامعة ويقول عندي شهادة، الشهادة ورقة لا تسمن ولا تغني من جوع وياما ناس في هذا العالم لديهم أوراق، لديهم شهادات كثيرة لكنها شهادات فقط للتباهي، أنا فلان عندي شهادة"، فهل نقول إنّ جلالته قد قلل من شأن الشهادة؟ أم يقصد أنّ الشهادة ليست كل شيء؟ فكذلك معاليه يوضح نفس فكرة جلالته التي يريد أن يوصلها للطلاب.

فالمنتقدون وأصحاب الأقلام الذين كنا نحترمهم ونقدر أقلامهم، لو كلفوا أنفسهم وتابعوا حديث معاليه إلى نهايته فأنا متأكد تماماً أنهم لن يكتبوا ما كتبوه، ولن يقولوا ما قالوه.

وأنا على يقين تام بأنّ بعض هؤلاء الكتاب إن لم يكونوا جميعهم قد تراجعوا عمّا قالوه بعد أن سمعوا الردود في تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي، وبعدما راجعوا حديث معاليه في التسجيل.

وهنا أطالب الكتاب العقلاء بألا يتسرّعوا في الأحكام، وألا ينجرّوا خلف التغريدات المغرضة التي تقلل من شأن رموز الدولة وصناع القرار، فالوسوم التي تنتشر في تويتر بعناوين "الشوارما وشهادة البيماني" هدفها تأجيج الرأي العام في السلطنة، وإثارة البلابل، فاستقرار هذا البلد شوكة في بلاعيم كل المتربصين، فلا تكونوا عوناً للشيطان.

فتحية أوجهها لحامل الأمانات العظام.. تحية لمعالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، وأقول لا فض فوك.