حرب تجارية مُستعرة

 

 

باتَ مُؤكَّدا أن الحرب التجارية التي كان الجميع يُحذِّر منها قد تحوَّلتْ إلى واقع ملموس؛ ففيما أعلن الرئيس الأمريكي عن فَرْض رُسوم جمركية بقيمة 200 مليار دولار على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، ردَّت بكين بفرض رسوم بقيمة 60 مليار دولار أمريكي على واردات أمريكية للصين.

إنَّها حقا حربٌ تجارية مُستعرة، تدمر ما تحقَّق من منجزات على صعيد التجارة الحرة في العقود الماضية، وتنسفُ بقوة أحد أقوى أسس النظام الرأسمالي العالمي، وهو نظام السوق المفتوح وحرية التجارة دون قيود أو رسوم جمركية. ومن المؤسف أن مثل هذه الحرب بين أكبر اقتصادين في العالم ستطال شظاياها دولا أخرى؛ إذ قد تدفع هذه الإجراءات الحمائية بدول أخرى لاتخاذ الإجراء ذاته.

خَطر الإجراءات الحمائية لا يتوقف عند مسألة فرض رسوم على الواردات، بل يتعدى ذلك إلى المخاوف المتعاظمة من مغبة فرض عقوبات أو ضغوط على شركات تعمل في البلد الآخر، لاسيما الشركات الأمريكية التي تعمل في الصين؛ الأمر الذي سيدفع بهذه الشركات للرضوخ للضغوط وإغلاق مصانعها في الصين. نحن إذن أمام تهديد عالمي لحركة التجارة؛ فالاقتصاد العالمي لا يزال في مرحلة تعافي، والأسواق الناشئة تواجه تحديات جمة، لا تنحصر فقط عند ارتفاع عوائد الديون، أو اضطرابات أسواق المال، بل في النظام البنيوي للاقتصاد ككل؛ مما يدفع بالمستثمرين وصناديق الاستثمار للتخارج من هذه الأسواق.

... إنَّ المطلوب الآن هو تحرُّك دولي لإطفاء جذوة هذه الحرب، وتهدئة مخاوف المستثمرين من مغبة هذه الحرب على الاقتصادات الناشئة.

تعليق عبر الفيس بوك