رفع كفاءة مخرجات التعليم العالي (2 -3)

د.عبد الله المفرحي *

 

الحلقة الثانية: مبررات برامج الإنماء المهني للأكاديميين
يراد بالإنماء المهني الحلقات الدراسية والنشاطات التدريسية التي يشارك فيها المعلم بهدف  صقل معارفه وتطوير قدراته ورفع كفايته وإكسابه مهارات حل المشكلات التي تواجه في الحقل التربوي وتدريبه على توظيف التقنيات الحديثة في المواقف التعليمية.
ولعل البعض يتساءل عن مبررات  برامج الانمائي للأكاديميين والذين يعتبرون قمة في سلم التعليم الاكاديمي العالي، والأمر الذي يفرض علينا ذلك وجود  عدد من المبرات منها:
 أ- ضعف ملحوظ في  مخرجات التعليم، والذي كان من المأمول أن يكون الإرشاد الأكاديمي خلال فترة الدراسة هو طوق النجاة لتجاوزها،  فمن خلال القراءة المتعمقة للواقع العملي نجد خللاً في المستوى العلمي الذي حصله المتعلم في مدة دراسته الجامعية ، فنجد أن عدداً منهم قد أخفق في القدرة على التفكير الإبداعي وعلى حل المشكلات وممارسة المنهجية العلمية في البحث، وتوظيف ما تعلمه على أرض الواقع ومواصلة تعلمه مدى الحياة. في حين قد انفق على الطالب أموالاً طائلة وتجهيزات وموارد بشرية وغير بشرية، وفي الجانب المقابل نجده غير قادر إلقاء كلمة قصيرة أمام الجمهور أو على كتابة تقرير قصير حول موضوع ما، أو قد أخفق في حل مشكلة الأمر الذي ينتهي به إلى رفض المؤسسات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية ...الخ توظيفه، لأنه غير قادر على الابتكار والإبداع وإسقاط المعارف والعلوم التي اكتسبها من الجامعة في الواقع العملي المعيش. وهذا الواقع قد ازداد تعقيداً في الفترة الأخيرة نظرا لتدفق طلبات تعليمية لإنشاء مؤسسات تعليم عالي أو تخصصات جديدة قوبلت باستجابات غير مدروسة بتمعن الأمر الذي أدي لوقوع مؤسسات تعليم عالي تحت الملاحظة الأكاديمية لسنوات عديدة وهذا ما افصحت عنه مجلس الاعتماد الأكاديمي (د. سيف المعمري، مقال :مؤسسات في التعليم العالي "تحت الملاحظة": هل سيلتحق الطلاب بها؟، جريدة الرؤية العمانية، 09/6/2018م).
  ب-غلبة الطابع التقليدي (طابع التلقين) على التعليم بالرغم من التطور والانفجار المعرفي في شتى ميادين المعرفة، ففي عصرنا الحالي أضحت طريقة المحاضرة الملقاة بطريقة التلقين مرفوضة، ولا مبرر لوجدها في عصر التطور التقني، والانفجار المعرفي، وكما أنها بات غير مقبولة لدى الطلبة، والسلوك المرغوب أصبح يناشد الأستاذ في محاضرته أن يقدمها على شكل حوار بينه وطلابه، ويقوم بعرض عناصر المقرر على شكل أسئلة بما ينمي لدى المتعلم التفكير الإبداعي أو مهارات التفكير ما وراء المعرفة، فالمعلم الفعال النشط بات دوره في التعليم الحديث مرشدا وموجها للعملية التعلمية ودوره توعية المتعلم من خلال التفسير والقياس والتحليل والاستنباط...الخ.   
ج- سيادة استراتيجية الكم على الكيف لدى كل من المعلم والمتعلم. وعدم الجدية والالتزام في مواصلة حلقة التعليم عند المعلم والمتعلم، بسبب العزوف عن القراءة والتطوير المستمر للمهارات والمعارف في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي.
 هـ-  ضعف في توظيف الوسائل والتقنيات التعليمية في المواقف التعليمية في المؤسسات التعلمية أما لعدم القناعة بدورها الفاعل في رفع مستوى التحصيل والدافعية لدى المتعلمين وإضفاء التشويق والمرح والمتعة في البيئة الصفية، أو لعدم إلمام المعلم باستخدامها وتوظيفها بما يحقق الأهداف المرسومة سلفا، ويسهل على المتعلم الفهم والاستيعاب للمعلومة بكل يسر ومرونة، ويساهم على حفظها في الذاكرة طويلة الأمد. وهذا ما تؤكده عدد من الابحاث والدراسات الحديثة والقديمة كدراسة عبد اللطيف الجزار(2000) والتي خلاص  فيها إلى الدور الكبير الذي توفره تكنولوجيا التعليم من خلال  دورها في مضاعفة  كفاءة المعلم والمتعلم ، وتزوده بعدد من المثيرات التي تسرع من عملية التعلم لدى المتعلم، وقد توصلت  دراسة محمد عطية خميس (1997): "إن التكنولوجيا تساعد على جذب انتباه المتعلم وتركيزه وتحفيزه نحو التعلم، وتسهل عملية الاستذكار والفهم وتنمى الخيال وتوفر وقتا مناسبا للتعلم، ناهيك عن تعزيزها للخبرات السابقة لدى المتعلم". وكما أشارت دراسة العجمي (2006) لوجود ضعف ملحوظ في مهارات استخدام الكمبيوتر في عملية التعليم، وأكدت دراسة العمري (2008) إلى أن 26% من المدرسين يستعملون الانترنت والكمبيوتر في تخطيط الدروس المدرسية، و15% يستعملونه في تنفيذ الدروس. الأمر الذي يحتم عملية الانماء المهني.
*د. عبدالله بن سليمان بن عبدالله المفرجي دكتوراه القانون العام  وباحث ماجستير تربية تخصص تكنولوجيا التعليم، محاضر ببرنامج التعليم عن بعد بكلية العلوم الشرعية

تعليق عبر الفيس بوك