الفرص العمانية في الحرب التجارية العالمية

 

فايزة الكلبانية

يقال "من رحم المعاناة.. تولد الفرص" مواقف السلطنة المشرفة خليجيا وعربيا ودوليا تؤكد لنا بأنّ هناك فرصا عمانية في الحرب التجارية التي تلوح في الأفق حاليا، بين أمريكا والصين من جهة، وأمريكا والدول الأوروبية من جهة ثانية، والتي تعد من أبرز الملفات التي تضمنتها النقاشات والاجتماعات بين المسؤولين والرؤساء على طاولات الحوار والاجتماعات الدولية خلال الفترة القليلة الماضية.
ومن المؤكد أنّ علاقات السلام والصداقة والمكانة التي تقلدتها السلطنة بفضل الحكمة والحنكة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- في التعامل مع الكثير من الملفات والقضايا العالمية مع مختلف الدول، تتيح لنا الكثير من الفرص للاستفادة من تداعيات هذه الحرب التجارية في تعزيز التنويع الاقتصادي، واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والشركاء.
ففي ظل توجه تبادل رفع الرسوم التجارية بين الدول الأوروبية وأمريكا من جهة، وفرض أمريكا رسوما إضافية على المنتجات الصينية من جهة أخرى والذي من شأنه أن يشعل فتيل حروب تجارية ستكون لها عواقبها التي ستطال اقتصاديات معظم دول العالم العربية والإقليمية والدولية، ولذا فإنّ هذه المرحلة تتطلب منا اليوم أن نفكر بذكاء أكبر وإيجابية أكثر خلال هذه الحروب العنيفة والتي لا نعلم متى ستنتهي، ولا كيف ستتوقف، حيث يجب العمل للحفاظ والاستمرار في خلق نظام حماية عماني يمكن أن تستفيد منه السلطنة بعلاقاتها الطيبة والاستراتيجية ومكانة السلطنة في المحافل الدولية مع الجميع ولاسيما مع أمريكا ووجودنا في اتفاقية التجارة الحرة، إلى جانب توجه الاستثمارات الصينية والتي كانت تتجه إلى أمريكا ومن المتوقع أن تنخفض بشكل كبير نتيجة للاختلافات السياسية، وهذا من شأنه أن يخلق لنا فرصا واعدة لأنّ تكون السلطنة جاذبة للاستثمارات الصينية في ظل الاشكاليات الحاصلة في العالم، إلى جانب الإسراع في تنفيذ المدينة الصينية في الدقم لنحصل على فرص أكبر من رحم الأزمات، وهذا النجاح يتطلب تسارعا في الإنجاز والتنفيذ بعيدًا عن البطء أو التراجع الذي تسير فيه البعض من إجراءاتنا وسياسات العمل بالسلطنة.
لا نتمنى يوما بأن يسير الوضع الأمني والاقتصادي في العالم إلا بمسار السلام، ولكن حقيقة الواقع والخلافات بين البعض من الدول تاخذ منحى آخر بعيدا عن المأمول، وبما أنّ السلطنة جزء لا يتجزأ من هذا العالم تتأثر اقتصاديا بتغييرات السوق العالمي ومؤثراته، ولهذا فإنّ موقف السلطنة وسياستها الخارجية المستمدة من رؤى حضرة صاحب الجلالة وتوجيهاته السامية، والتي تنص على عدم التدخل في شؤون الغير كان لها بصمتها الناجحة في توثيق علاقة السلطنة بمختلف الدول القائمة على الاحترام المتبادل، وهذا من شأنه أن يخلق لنا فرصا استثمارية وشراكات عمل مع مختلف الأطراف؛ ولكننا بحاجة إلى المبادرة والجرأة في التخطيط لجني حصاد وثمار هذه العلاقات الطيبة عالميا لجذب المزيد من الاستثمارات للسلطنة، ودخول مستثمرين جدد للسوق العماني في مختلف الصناعات الخفيفة والثقيلة ولاسيما في ظل تحديات أزمة تراجع أسعار النفط، والتي تأبى أن تهدأ ثورتها في ظل الاضطرابات السياسية والأمنية.